التنوع الكبير في الألوان الطبيعية تشمل الألوان الرائعة لأوراق الخريف (أعلى) وألوان الفواكه والخضراوات الناضجة، الفاتحة للشهية (إلى اليمين). وتجذب الزهرة ساطعة اللون النَّحل إلى طلعها (في الوسط). ويعطي اللونان الأزرق والأصفر المتلألئان تحذيرا شديدا لأعداء الضِّفدع السامة ذات الشكل السهمي، التي توجد في أمريكا الجنوبية (إلى اليسار).
اللون يملأ عالمنا بالجمال. فنحن نبتهج بألوان غروب الشمس البهيّ وباللون الأحمر اللامع واللون الأصفر الذهبي لأوراق الخريف، ونُسْحَر ونُفتن بالنباتات الزهرية الجميلة وألوان قوس قزح المتلألئة.كما تؤدي الألوان دورًا مهمًا في إضافة البهجة والأهمية لحياتنا. فمثلا يختار كثير من الناس ألوان ملابسهم بعناية تامة، ويزينون منازلهم بألوان تحدث آثارا جميلة أو مسرة أو متعةً للناظرين. يحاول الفنانون جعل رسوماتهم أكثر واقعية وتعبيرًا باختيارهم وترتيبهم للألوان بتمعن.
تصلح الألوان وسيلة للاتصال والإخبار. ففي الرياضة توضِّح الألوان المختلفة لأزياء اللاعبين الفرق التي ينتمون إليها. في الطرق، تفيد إشارات المرور الحمراء السائقين الأمر بالوقوف، والخضراء السماح بالمرور. في الخريطة الملونة، يمكن أن يرمز اللون الأزرق للأنهار ومصادر مياه أخرى، واللون الأخضر للغابات والحدائق، واللون الأحمر للطرق.. إلخ.
تُستخدم أسماء الألوان في عدة تعبيرات شائعة لوصف الأمزجة والأحاسيس.
تؤدي الألوان أيضًا دورًا مهما في الطبيعة. فالألوان البراقة لعدد كبير من أكمام الأزهار تجذب نحوها الحشرات. ويمكن أن تساهم هذه الحشرات في تلقيح الأزهار، وبالتالي، تجعل النباتات تنتج بذورًا وثمارًا. وتجذب الفواكه الزاهية الألوان، العديد من أنواع الحيوانات آكلة الفواكه والتي تلفظ بذور الفواكه عبر الرَّوث، فتنبُت هذه البذور أينما وقع روثها. وبهذه الكيفية يمكن أن تنتشر النباتات المنتجة للفواكه انتشارًا طبيعيًا إلى مساحات جديدة.
الاتصال بوساطة الألوان. تستخدم الألوان عادة لتعبر عن الأمزجة ولتوصيل المعلومات. فاستخدام الألوان الزرقاء في لوحة الفنان بابلو بيكاسو المسماة عازف الجيتار العجوز ـ الشكل الأيمن أعلاه ـ يحدث شعورًا بالحزن والوحدة. تلفت الألوان المثيرة لإشارات النيون ـ الشكل العلوي الأيسر ـ انتباه الناس. وتساعد ألوان زي لاعبي كرة الرجبي ـ الشكل السفلي الأيسر ـ المشاهدين في معرفة الفرق التي ينتمي لها اللاعبون.
وتساعد الألوان بعض الحيوانات في جلب قرائن لها. فمثلا، ينشر الطاووس ريشه ذا الألوان الساطعة الزاهية عندما يغازل أنثاه. وتساعد ألوان عدد كبير من الحيوانات في الهروب وتفادي الأعداء. فمثلا، أرانب القطب الشمالي لها فراء ذات ألوان سمراء داكنة في الصيف. ويتحول لون فرائها في الشتاء إلى اللون الأبيض مما يجعل من الصعب رؤية الأعداء لهذه الأرانب في الثلج.
وبالرغم من أننا نتحدث عن رؤية الألوان أو الأشياء إلا أننا لا نراها حقيقة، بل نرى الجانب من الضوء الذي تعكسه أو تصدره هذه الأشياء.
تستقبل أعيننا هذا الضوء، وتحوله إلى إشارات كهروكيميائية. وتنتقل هذه الإشارات خلال أعصاب العين إلى الدماغ؛ الذي يترجمها صورًا ملونة. ومع ذلك مازال هناك الكثير الذي يجهله العلماء عن الكيفية التي تمكننا بها أعيننا وأدمغتنا من الإحساس بالألوان.
العلاقة بين الألوان والضوء
الطيف المرئي
لكي ندرك كيفية رؤية الألوان يجب علينا أن نعرف أولا شيئًا عن طبيعة الضوء. فالضوء صورة من صور الطاقة، وله سلوك مماثل لسلوك الموجات من أوجه مختلفة. وللموجات الضوئية مدى من الأطوال الموجية. والطول الموجي هو البعد بين أي نقطة في موجة والنقطة المناظرة لها في الموجة التالية. وتبدو لنا الموجات الضوئية ذات الأطوال الموجية المختلفة بألوان مختلفة. ويبدو الضوء الذي يحتوي على كل الأطوال الموجية بنفس النسب، كضوء الشمس، أبيض. وتوجد بعض الخلائط من الأطوال الموجية التي تبدو أيضًا بيضاء. انظر: الضوء.
وعندما يمر شعاع من ضوء الشمس، خلال قطعة من الزجاج مُشكّلة بطريقة خاصة، تسمى المنشور، فإن الأشعة المختلفة للموجات تخرج منه منحنية بزوايا مختلفة. تحلل هذه الانحناءات ضوء الشمس إلى مجموعة من الألوان الزاهية. وتحتوي هذه المجموعة على كل ألوان قوس قُزَح وتُسمى الطيف المرئي. ويبدو الضوء بنفسجيًا عند أحد طرفي الطيف المرئي. ويمثل هذا الطرف البنفسجي أقصر طول موجي يمكن أن نراه. وعند الابتعاد عن هذا الطرف خلال الطيف، فإن الطول الموجي للضوء يزداد، ويبدو الضوء بالتدريج ـ أزرقَ ثم أخضرَ ثم أصفرَ ثم برتقاليًا ثم أحمرَ، ويكون الانتقال من لون لآخر بالتدريج حيث يتداخل كل لون مع الألوان المجاورة له من الطيف. ويمكن أن نرى لون الضوء ذي الطول الموجي الطويل أحمر قاتمًا.
والموجات الضوئية عبارة عن موجات كهرومغنطيسية، تتكون من أنماط من الطاقة الكهربائية والطاقة المغنطيسية. ويمثل الطيف المرئي جزءًا من الطيف الكهرومغنطيسي ـ الذي يحوي مدى الأطوال الموجية للموجات الكهرومغنطيسية. وتوجد الأشعة فوق البنفسجية والأشعة السينية وأشعة جاما بعد الطرف البنفسجي وخارج الطيف المرئي، كما توجد الأشعة دون الحمراء والموجات الراديوية بعد الطرف الأحمر وخارج الطيف المرئي. انظر: الموجات الكهرومغنطيسية.
وتبدو بعض الأشياء كإشارات المرور وإشارات النيون ملونة نظرًا لأن الضوء الذي تبعثه يحتوي على مدى محدود من الأطوال الموجية. ومع ذلك، تبدو معظم الأشياء ملونة؛ بسبب تركيبها الكيميائي. وتمتص الأشياء أطوالاً موجية معينة من الضوء، وتعكس الأطوال الموجية المتبقية. فعندما تسقط أشعة الشمس على جسم نباتي كالجزر، مثلا، فإن مكونات الجزر، تمتص معظم الضوء ذي الطول الموجي القصير، وتعكس معظم الضوء ذي الطول الموجي الأطول. وعندما يصل هذا الضوء، ذو الطول الموجي الأطول، إلى أعيننا فإن نبات الجزر يبدو لنا برتقاليًا.
ويبدو الجسم الذي يعكس معظم الضوء الذي يحتوي على كل الأطوال الموجية بكميات متساوية، بالتقريب، أبيض، بينما يبدو الجسم الذي يمتص معظم الضوء الذي يحتوي على كل الأطوال الموجية بكميات متساوية، بالتقريب أسود.
كيف نرى الألوان
رؤية الألوان تحتاج لحدّ معين من الإضاءة. تبدو الأجسام الملونة كالرخام، (إلى اليمين)، في الضوء الخافت رمادية. وتبدو نفس هذه الأجسام، (إلى اليسار)، في الضوء الساطع ملونة.
مهمة العين ومهمة الدماغ. تعتمد مقدرتنا لرؤية الألوان على عدة وظائف للأعين والدماغ. هذة الوظائف معقدة. فعندما ننظر إلى جسم ما فإن ضوءًا منعكسًا من الجسم نفسه يدخل أعيننا. تركز كل عين على حدة الضوء مكوِِّّنةً صورة للجسم على الشبكية. والشبكية طبقة رقيقة من الأنسجة تغطي مؤخرة وجوانب تجويف العين من الداخل، وتحتوي على ملايين الخلايا الحساسة للضوء. وتمتص هذه الخلايا معظم الضوء الذي يسقط على الشبكية، وتحوله إلى إشارات كهربائية. وتنتقل هذه الإشارات الضوئية، إلى الدماغ بوساطة أعصاب تنقلها إليه عن بُعد.
تحتوي الشبكية على نوعين رئيسيين من الخلايا الحساسة للضوء ـ العصي والمخاريط. ويُعزى سبب التسمية إلى أشكال هذه الخلايا. فالخلايا القضيبية حساسة لأقصى درجة للضوء الخافت، ولكنها لا تستطيع تمييز الأطوال الموجية. ولهذا السبب، نرى فقط مساحات من اللون الرمادي في الغرفة خافتة الإضاءة. تبدأ الخلايا المخروطية في الاستجابة للضوء عندما يصير الضوء أكثر إضاءة وسطوعًا، وفي الوقت نفسه تكف الخلايا القضيبية عن العمل. وتحتوي شبكية الشخص ذي الإبصار الطبيعي للألوان على ثلاثة أنواع من الخلايا المخروطية. يستجيب أحد هذه الأنواع بأقصى شدة للضوء ذي الطول الموجي القصير والذي يقابل اللون الأزرق. ويوجد نوع ثان يتفاعل رئيسيًا مع الضوء ذي الطول الموجي الوسط أي اللون الأخضر. أما النوع الثالث فهو أكثر حساسية للضوء ذي الطول الموجي الطويل، أي اللون الأحمر.
آثار الألوان المتجاورة
يرتب الدماغ الإشارات التي تحملها إليه الأعصاب من العين، ويترجمها صورًا بصرية ملونة. ولا تزال الكيفية التي يمكِّننا بها الدماغ من أن ندرك الألوان، سرًا غامضًا لم يكشف تمامًا بعد. وقد طوّر العلماء عدة نظريات لتوضيح رؤية الألوان.قُدمت بعض هذه النظريات ونوقشت في الجزء الخاص بتاريخ دراسة الألوان.
وبعض الناس ليس لديه إبصار تام للألوان. ويقال: عن أمثال هؤلاء الناس أنهم مصابون بعمى الألوان. وتوجد أنواع ودرجات مختلفة لعمى الألوان، تعتمد على أنواع الخلل في الخلايا المخروطية في الشبكية. وقد يكون أحد أنواع الخلايا المخروطية مفقودًا أو معطلاً، وهي أشدّ الحالات استفحالاً. ويخلط الناس المصابون بسبب هذا الخلل بين ألوان معينة وبقية الألوان. وهناك عدد قليل جدًا من الناس لا يستطيع أن يبصر الألوان كلية. ومعظم مشكلات إبصار الألوان وراثية ولا يمكن معالجتها. انظر: عمى الألوان.
لكي ترى شبح صورة حدّق في مركز العَلَم لنحو 30 ثانية. ثم بعد ذلك انظر إلى صحيفة من ورق بيضاء. عندئذ سترى صورة للعلم بألوانه الحقيقية.
آثار مدهشة لإبصار الألوان. تحدث معظم العمليات في الأعين والدماغ تلقائيًا، وتكاد تكون لحظية عند تزويدها لنا بإبصار الألوان. وقد تعلمنا دون أن نعي ألا نرى آثارًا إبصارية معينة لهذه العمليات، وعلى الأخص تلك التي تحدث عندما تتكيف أعيننا لتغيير الألوان. وقد تبدو لنا هذه الآثار مفاجئة أو مثيرة ومفزعة عندما ندركها. ويمكن بسهولة توضيح بعض آثار إبصار الألوان، التي لا نلاحظها طبيعيًا بأمثلة عملية.
يمكننا أن نوضح عمليًا واحدًا من آثار الإبصار بتغطية نصف صحيفة من ورق ملون بألوان ساطعة بورقة أخرى، لونها أبيض خالص. فإذا أطلنا النظر إلى المساحة الملونة لنحو 30 ثانية، ثم بعد ذلك أبعدنا الورقة البيضاء، فإن المساحة التي كانت غير مغطّاة ستبدو أكثر سطوعًا من النصف الذي كان مغطى. وتبدو تلك المساحة أكثر سطوعًا لأن أعيننا تتكيف (تصير معتادة) للألوان. ويسمى مثل هذا الأثر الإبصاري للألوان التكيف اللوني.
الألوان الوهمية هي الألوان التي تظهر في مساحات من اللونين الأسود والأبيض فقط. يمكن رؤية مساحة وردية وهمية باهتة، في مركز المثلث الذي تشكله الدوائر المبينة أعلاه.
وإذا حدقنا في صورة ملونة لنحو 30 ثانية، ثم بعد ذلك نظرنا إلى سطح أبيض فإننا سنرى شبحًا للصورة. ويكون لشبح الصورة نفس شكل الصورة الأصلية ولكن ألوانه مختلفة. فعندما تكون الصورة الأصلية حمراء فإن شبحها يكون أخضر، وعندما تكون الصورة خضراء يكون شبحها أحمر. وتصير المساحات الزرقاء في الشبح صفراء، والمساحات الصفراء تصير زرقاء. ويتناظر أيضًا اللونان الأبيض والأسود في الصورة وشبحها. ويُطلق على هذا الأثر المدهش لإبصار الألوان مصطلح التباين المتسلسل.
ويمكننا أيضًا أن نبين عمليًا أن مظهر أي لون يتأثر بالألوان المحيطة به. فإذا وضعنا نفس اللون ملامسًا لخلفيات مختلفة الألوان، فإنه سيظهر وكأنه مختلف في كل حالة. وبالإضافة إلى ذلك، يظهر أي لون عندما يحاط بخلفية مظلمة أكثر سطوعًا مما سيكون عليه، عندما يحاط بخلفية مضيئة. ويسمى هذا الأثر لإبصار الألوان الحث اللوني أو التباين الآني. ويُحتمل أن نرى في بعض الأحيان ألوانا في مساحات سوداء وبيضاء. وتسمى مثل هذه الألوان ألوانًا وهمية.
ربما نشاهد الألوان الوهمية بتركيز النظر في أنماط سوداء وبيضاء ذات وميض كالتي تنتج عند إدارة صورة التلفاز غير الملون بسرعة كبيرة.
إبصار الألوان عند الحيوانات
للنسانيس والقرود وكثير من أنواع الطيور وبعض أنواع الأسماك إبصار للألوان يشابه كثيرًا مالدينا من إبصار للألوان. ومع ذلك، فهناك عدد كبير من الحيوانات الأخرى بيصر الألوان بكيفية مختلفة عن كيفيتنا. مثلاً، تدل البحوث على أن التماسيح ترى الألوان في شكل ظلال متعددة الغمام رمادية اللون. وأعين بعض حيوانات أخرى حساسة لضوء لا نستطيع أن نراه نحن. مثلا، يستطيع النحل أن يرى أشعة الضوء فوق البنفسجية والتي هي غير مرئية للآدميين. ومن الناحية الأخرى، لا يستطيع النحل أن يرى اللون الأحمر.
طرق إنتاج اللون
ينتج أصحاب الصناعات والفنانون والحرفيون عدة أشياء بألوان مختلفة. ولكي يوفِّروا مثل هذا العدد الكبير من الألوان المختلفة، فإنهم يستعملون إحدى طريقتين أساسيتين. هاتان الطريقتان هما : 1ـ خلط المصبغات 2ـ خلط الضوء الملون.
كيف ينتج خليط من خضابين لونًا ثالثًا ؟
خلط المُصبغات. يمكن تحضير عدد كبير من الألوان المختلفة بخلط المصبغات. والمصبغات عبارة عن مواد كيميائية تُكْسِب اللون لعدد من المواد كالحبر والطلاء وأقلام التلوين والطباشير. وتتكون معظم المصبغات من مساحيق ناعمة تخلط مع سوائل أو شمع أو مواد أخرى حتى يسهل استخدامها في تلوين الأشياء. وتسمى المصبغات التي تذوب في السوائل الصبغات. والمصبغات التي لا تذوب ولكن تنتشر خلال السوائل أو خلال مواد أخرى في شكل جسيمات صلبة متناهية الصغر تسمى خضابًا.
الألوان الأولية والثانوية في الطلاء. الأحمر والأصفر والأزرق ألوان أولية شائعة. ويمكن أن تخلط هذه الألوان لتكون الألوان الثانوية البرتقالي والأخضر والبنفسجي.
عندما يخلط مصبغان مختلفان ـ ينتج لون ثالث. مثلا، عند خلط طلاء من خضاب أزرق مع طلاء من خضاب أصفر، فإن الطلاء الناتج يظهر كأنه أخضر. وعندما يسقط ضوء على الطلاء الناتج، فإن كثيرًا منه يخترق طبقة الطلاء ويصطدم بجسيمات الخضاب. وتمتص جسيمات الخضاب الأزرق معظم الضوء ذي الطول الموجي الطويل، أي الضوء الذي يظهر أحمر وبرتقاليًا وأصفر. ويمتص الخضاب الأصفر معظم الضوء ذي الطول الموجي القصير، أي الضوء الذي يظهر أزرق أو بنفسجيًا. ولا يمتص معظم الضوء ذي الطول الموجي المتوسط، ولكن يعكس خلال سطح الطلاء. وعندما يصل هذا الضوء المنعكس إلى أعيننا فإننا نرى الطلاء أخضر. ويمتص كل مصبغ في خليط من مصبغات مختلفة بعض الأطوال الموجية للضوء الذي يسقط عليه. ولهذا السبب يُشار في بعض الأحيان لأخلاط المصبغات باسم الأخلاط الطارحة للون. ويسمى التلوين بهذه الكيفية تلوينًا بالطرح أي بالامتصاص.
تُعرف أي ثلاثة مصبغات يمكن خلطها بتراكيب مختلفة لتنتج تقريبًا أي لون آخر بالمصبغات الأولية أو الألوان الأساسية في الطلاء. وتتكون إحدى مجموعات المصبغات الأولية الشائعة من الأحمر والأصفر والأزرق.
مثلث الألوان يحتوي مثلث الألوان على لون أبيض وأسود وأي لون آخر عند كل رأس. وإضافة اللون الأبيض تنتج لونًا خفيفًا. كما أن إضافة الأسود تنتج غمامة. أما إضافة الرمادي (خليط من الأسود والأبيض) فتنتج مسحة لونية.
وتسمى الألوان الناتجة من خلط أزواج من المصبغات الأولية ألوانًا ثانوية. ويتكون البرتقالي من خلط الأحمر والأصفر، ويتكون الأخضر من خلط الأصفر والأزرق، ويتكون الأرجواني من خلط الأزرق والأحمر. وقد وجد خبراء الألوان أن الأحمر الأرجواني والأصفر والأزرق الداكن (الأزرق ـ الأخضر) تكوِّن كذلك مجموعة من المصبغات الأولية. ويمكن خلط هذه المصبغات الثلاثة لإنتاج مدى واسع من الألوان.
يُنتِج خلط كميات متساوية من ثلاثة مصبغات أولية لونا يكاد يكون أسود. ولكن نوعًا خاصًا من المصبغات السوداء، مثل المسحوق الأسود الناعم الذي يسمى أسود الكربون، يمدنا بألوان أكثر سوادًا. أما خلط الأسود مع لون آخر فينتج غمامة. وتمتص المصبغات الأولية ضوءًا كثيرًا، لذا لا يمكن أن تُخلَط لتنتج ألوانا ساطعة. لمثل هذه الأغراض، إما أن يضاف مركب كيميائي يسمى ثاني أكسيد التيتانيوم أو نوع خاص من مصبغ أبيض آخر. وينتج خلط اللون الأبيض مع لون آخر لونًا خفيفًا. وتكوِّن تركيبة اللون الأسود مع اللون الأبيض لونا رماديًا. ويحدث خلط اللون الرمادي مع لون آخر مسحة لونية.
الألوان الأولية في الضوء الأحمر والأخضر والأزرق هي الألوان الأولية في الضوء. ويمكن توليفها بطرق متعددة لتكوين ألوان مختلفة. ويعطي خلط جميع الألوان الأولية الثلاثة ضوءًا أبيض.
خلط الضوء الملون. عندما تسقط ألوان مختلفة من الضوء معًا على شاشة فإنها تختلط، وتكون ألوانًا أخرى.
تختلف الكيفية التي يُنتِج بها خلط ألوان مختلفة من الضوء ألوانًا جديدة عن تلكم التي في حالة خلط المصبغات. ينتج خلط المصبغات ألوانًا جديدة؛ لأن كل مصبغ يطرح بعض الأطوال الموجية للضوء. ولكن خلط الضوء الملون ينتج ألوانًا جديدة بإضافة ضوء ذي أطوال موجية مختلفة. لهذا السبب، تسمى أخلاط الضوء الملون، في بعض الأحيان، أخلاط الألوان التجميعية أو التلوين بالإضافة.
وتختلف الألوان الأولية في خليط ألوان تجميعية عن تلكم التي في الطلاء. والألوان الأولية في الضوء هي الأحمر والأخضر والأزرق. وعندما يُخلَط ضوء أحمر مع أخضر يكون الناتج ضوءًا أصفر. ويكوِّن خليط من ضوء أزرق وضوء أخضر ضوءًا أزرق ـ أخضر، ويكوّن خليط من ضوء أزرق وضوء أحمر ضوءًا بنفسجيًا. وفي حالة الضوء، يُنْتج خلط جميع الألوان الأولية بالنسب المضبوطة ضوءًا أبيض.
الألوان المتتامة في الضوء ينتج متمم أي لون أولي في الضوء بخلط اللونين الأوليين بالآخرين. والألوان التي تنتج موضحة في الشكل أعلاه.
ويكون لونا أي ضوءين متممين لبعضهما إذا كانا يُكوِّنان الضوء الأبيض عند خلطهما. وعليه فإن اللون المتمم لأي لون أوَّلي من الضوء، هو اللون الذي ينتج من خلط اللونين الأوليين الآخرين. فمتمم الأزرق هو الأصفر (ضوء أحمر + ضوء أخضر). ومتمم الأحمر هو الأزرق ـ الأخضر (ضوء أزرق + ضوء أخضر). ومتمم الأخضر هو البنفسجي (ضوء أحمر + ضوء أزرق).
تحدث صور التلفاز الملون من أخلاط تجميعية للألوان الأولية الثلاثة للضوء. وتحوي شاشة التلفاز الملون آلافًا من المساحات الصغيرة جدًا، والتي تتوهج عندما تصدمها حزمة إلكترونات. وتنتج بعض المساحات ضوءًا أحمر، وتنتج مساحات أخرى ضوءًا أخضر ومساحات أخرى ضوءًا أزرق. وعندما نشاهد برنامجًا ملونًا فإننا لا نرى كل مساحة حمراء أو كل مساحة خضراء أو كل مساحة زرقاء. وبدلاً من ذلك نرى مدى من ألوان كثيرة تُنتِج عندما يختلط الضوء الأحمر والأخضر والأزرق في أبصارنا. ونرى ضوءًا أبيض عندما تختلط كميات محددة من الضوء الأحمر والأخضر والأزرق مع بعضها.
وينتج خلط الألوان الأولية ضوءًا أبيض يجعل من الممكن للتلفاز الملون عرض الصور البيضاء والسوداء (غير ملونة). انظر: التلفاز.
إنتاج الانسجام اللوني
دائرة الألوان
عندما يكون لألوان متقاربة تأثير سار فإننا نقول إنها تحدث انسجامًا لونيًا. وعند اختيار الملابس أو في تزيين المنازل يبحث معظم الناس عن الألوان التي تظهر معًا منسجمة ومتسقة. وقد طوّر الفنانون والعلماء خطوطًا عريضة يُهْتَدى بها في تركيب الألوان. ولكن لا توجد قواعد ثابتة لانسجام الألوان؛ نظرًا لأن هناك عوامل كثيرة جدًا تؤثر على ما إذا كانت ألوان ما ستنسجم معًا أم لا.
توضح دائرة الألوان أو إطار الألوان العلاقات بين الألوان. وتتكون دائرة الألوان من مدى من الألوان في شكل دائرة. وتدور الألوان مبتدئة من الأحمر، خلال ألوان الطيف الأخرى، ثم ترجع إلى الأحمر ثانية. وتسمى كل ثلاثة ألوان متساوية البعد عن بعض في دائرة الألوان مثلث الألوان.
وغالبا ما تنسجم الألوان المكونة لمثلث الألوان بعضها مع بعض. وتكوِّن الألوان الأولية في دائرة الألوان ـ الأحمر والأصفر والأزرق ـ مثلث ألوان. أما الألوان الثانوية ـ الأخضر والبرتقالي والأرجواني فكلّ منها خليط من لونين أوليين. وتقع هذه الألوان على أبعاد متساوية من الألوان الأولية وتكوِّن هي أيضًا، مثلث ألوان. والألوان المتوسطة عبارة عن خليط من لون أولي وآخر ثانوي. وهي تقع بين الألوان الأوَّلية والثانوية في دائرة الألوان. ويكوِّن خليط لونين ثانويين لونًا من الدرجة الثالثة.
توليفات الألوان المنسجمة
ويسمى أي لونين يقعان متقابلين تقابلاً مباشرًا في دائرة، الألوان المتتامة في الطلاء. وتتضمن مثل هذه الأزواج زوج الأحمر والأخضر، وزوج البرتقالي والأزرق، وزوج الأصفر والبنفسجي، وغالبًا ما تنسجم هذه الألوان بعضها مع بعض. وكذلك ربما ينسجم لون مع لون يقع بعد اللون المتمم له مباشرة، كالأحمر مع الأزرق ـ الأخضر أو مع الأصفر ـ الأخضر. وتسمى مثل هذه الألوان، الألوان شبه المتتامة أو الألوان مشطورة التتميم. وربما تُكَوِّن الألوان التي تقع متتالية في دائرة الألوان، كالأزرق ـ الأخضر، والأزرق، والأزرق البنفسجي، توليفات ألوان مبهجة. ويتكون مشروع الألوان أحادية اللون من ظلل من غمام ومسحات لونية، وألوان خفيفة للون واحد فقط. ويمكن أن تُحدث مثل هذه التوليفات اللونية آثارًا سارة.
مميزات اللون
لكل لون ثلاث مميزات أساسية وهي: 1ـ النقبة 2ـ الإضاءة 3 ـ كثافة اللون (درجة التلون).
يصف خبراء الألوان لون جسم ما بدلالة هذه المميزات الثلاثة.
النِّقْبة. هي الخاصية التي تعطي لونًا ما اسمه؛ فاللون أحمر أو برتقالي أو أصفر أو أخضر أو أزرق أو بنفسجي أو له اسم مستمد من هذه الأسماء. تَنتُج الفروقات الهائلة التي نراها بين ألوان الطيف من اختلافات طفيفة جدًا في الطول الموجي للضوء. مثلا، الأطوال الموجية التي تُظْهر لونا أصفر فقط أقصر بقليل من تلك التي تظهر لونا برتقاليا. ولكن يوجد فرق إبصاري هائل بين البرتقالي والأصفر، وهذا الفرق هو فرق في النقبة للّونين.
الإضاءة. هي مقياس لكمية الضوء المنعكس من جسم ملون. ويمكن أن يعبّر عن إضاءة لون بمقارنة مستوى لون الضوء المنعكس من الجسم الملون مع مستوى اللون المنعكس من عينات معيارية على تدريج الإضاءة. ويتراوح تدريج الإضاءة من اللون الأسود، خلال غمام من اللون الرمادي، إلى اللون الأبيض. ويعكس اللون الأسود كمية بسيطة جدًا من الضوء الذي يسقط عليه. ويكون للون الذي يعكس كمية من الضوء مساوية أو مساوية بالتقريب للكمية التي يعكسها اللون الأسود مستوى إضاءة منخفض جدًا. ويعكس اللون الرمادي كمية من الضوء أكثر من تلك التي يعكسها الأسود. إذن يمكن أن يكون للون الذي يعكس كمية من الضوء مقاربة أو مساوية للكمية التي يعكسها غمام من الرمادي مستوى إضاءة متوسط. ويعكس اللون الأبيض تقريبًا، كل الضوء الذي يسقط عليه، وعليه، يكون للون الذي يعكس كمية من الضوء مقاربة أو مساوية للكمية التي يعكسها اللون الأبيض مستوى إضاءة مرتفع جدا. ويستعمل خبراء الألوان لفظ النصوع للتعبير عن مستوى إضاءة مصدر ضوء ملون.
كثافة اللون. هي مقياس التشبع (التركيز) للون ما. فمثلاً، عندما يخلط مقدار ملعقة شاي من مسحوق طلاء الملصقات الأحمر بمقدار ملعقة شاي من الماء ينتج طلاء ذا لون أحمر قان. وللطلاء الناتج درجة تركيز مرتفعة من المصبغ الأحمر، وبالتالي تكون له كثافة لون مرتفعة. وإذا خفَّفنا هذا الطلاء بكوب من الماء، فإن الخليط الناتج ستكون له درجة تركيز منخفضة من المصبغ الأحمر، وعليه، ستكون له كثافة لون منخفضة.
كيف تُصنَّف الألوان
يعتقد الخبراء أنه ربما يمكننا أن نميز عددًا من الألوان يُقدر بنحو 10 ملايين. يختلف كل لون من هذه الألوان عن بقية الألوان في واحد من درجات النقبة أو الإضاءة أو كثافة اللون أو اثنين منها أو جميعها. وتسمياتنا للألوان غير مضبوطة؛ حيث إنها لا تسمح لنا أن نصف بدقة كل الألوان التي نراها. ونتيجة لذلك، يجد الناس غالبًا صعوبة عندما يحاولون وصف أو تناسب لون محدد. فتناسب الألوان مهم جدًا وبالأخص في صناعات مثل صناعتي الطلاء والنسيج. ومن مهام صانعي الطلاء أو النسيج تقليل الفروق في لون مخصوص لطلاء أو قماش من دفعة طلاء أو ثوب قماش إلى دفعة أخرى أو ثوب آخر.
وقد طوّر خبراء الألوان طرقًا وأسسًا مختلفة لتصنيف الألوان حتى يتسنى لهم التغلب على مشكلات وصف الألوان وتناسبها.
وهناك اثنان من نظم التصنيف المستخدمة على نطاق واسع هما: 1ـ نظام ميونسل لتصنيف الألوان 2ـ نظام الوكالة الدولية لمواصفات الألوان.
نظام ميونسل للألوان
نظام ميونسل لتصنيف الألوان. أحد وسائل تصنيف الألوان المفيدة والأكثر رواجًا.طُوِّر هذا النظام في أوائل القرن العشرين بوساطة ألبرت ميونسل، وهو رسام ُصورٍ شخصية، أمريكي الجنسية.
ويمكن عرض نظام ميونسل بأساليب مختلفة. يَعْرِض أحد الأساليب الشائعة عينات مختلفة من الألوان مرتبة حول محور رأسي. والنُّقَب المختلفة مرتبة حول هذا المحور مثل القضبان الإشعاعية لإطار مستدير، بحيث يكَوِّن كل قضيب إشعاعي نقبة مختلفة. (القضيب الإشعاعي لإطار يشبه نصف القطر في الدائرة). ويمثل المحور تدريج القيمة، أو الإضاءة. وهو مقسم إلى عشرة أجزاء. وتمثل هذه الأجزاء مستويات للقيمة مبتدئة من الأسود بأسفل المحور وعابرة خلال ظلل الرمادي ومنتهية بالأبيض بأعلى المحور. ولكل عينات الألوان الواقعة عند نفس المستوى القيمة نفسها. والألوان التي تقع بالقرب من المحور لها كثافة لون منخفضة. وكلما كان موقع اللون أبعد من المحور كانت كثافته أكبر.
شجرة ميونسل للألوان تعرض عدة عينات لونية مرتبة حول محور مركزي. ويمكن أن تكون مثل هذه الشجرة ذات فائدة في مساعدة من يحاول موافقة لون مخصوص.
ولمضاهاة لون معين باستخدام نظام ميونسل أو أي نظام آخر، يجب إيجاد ذلك اللون من بين عينات الألوان المتاحة. ولكن عدد العينات في هذا النظام لا يمكن أن يعادل أو يقترب من عدد الألوان التي يمكننا أن نميزها. ولهذا السبب يستحيل في بعض الأحيان إيجاد تناسق لوني دقيق.
نظام الوكالة الدولية لمواصفات الألوان. غالبًا ما يحتاج صانعو المنتجات، كالأطعمة والطلاء والورق والمواد البلاستيكية والمنسوجات، لتناسب الألوان بدقة تامة. ولأن إبصار الألوان يختلف بين الناس، فإن اللونين اللذين يكونان متوافقين لشخص ما، ربما لا يكونان متوافقين لشخص آخر. ولهذا السبب لا يعتمد أصحاب الصناعات على العين البشرية في موافقة الألوان بدقة تامة، بل يستخدمون نظام الوكالة الدولية لمواصفات الألوان. وهذه الوكالة منظمة دولية تطوّر وتخترع طرقًا معيارية لقياس الألوان.
ويمكن لصانع الطلاء الذي يريد إنتاج نفس اللون لطلاء أخضر في مصنعين مختلفين استخدام نظام الوكالة الدولية. ولكي يتم التأكد من أن اللونين متوافقان أولا، يحلل خبراء الألوان لون الطلاء الأخضر المنتج في أحد المصنعين لتحديد الأطوال الموجية للضوء المكون له. ويُجري الخبراء هذا التحليل بمقياس الضوء الطيفي (السبكتروفوتومتر). ويفصل هذا الجهاز الأطوال الموجية المختلفة للضوء المنعكس من الطلاء، ويقيس شدتها بعد ذلك. وتُستخدم جداول عددية لتحويل هذه المعلومات إلى ثلاث قيم عددية ـ قيمة لكل من الألوان الأولية للضوء، التي توافق اللون الأخضر الأصلي عندما تخلط. وتعرِّف هذه الجداول العددية ـ والتي تسمى الراصدات القياسية ـ خواص مضاهاة الألوان لعين إنسان ذي إبصار طبيعي لها.
ويُحَلَّل، أيضًا، الطلاء المنتج في المصنع الآخر بمقياس الضوء الطيفي. وبعد ذلك تضاف كميات صغيرة من الخضاب لضبط ومعايرة لون الطلاء. وتستمر إضافة الخضاب حتى يسفر التحليل عن نفس القيم العددية الثلاث للألوان الأولية التي حُصِّلت في المصنع الأول. وعندما يُحصل على هذه القيم الثلاث للألوان الأولية فإن الطلاءين الأخضرين يتوافقان، بالرغم من أنهما ربما يحتويان على تركيبات مختلفة من الخضابات.
تاريخ دراسة الألوان
النظريات المبكرة لإبصار الألوان. طور عدد كبير من المفكرين في قديم الزمان نظريات حول طبيعة الألوان. ومنذ ذاك الزمن، أيدت التجارب العلمية بعض أفكارهم ودحضت أفكارًا أخرى.
وقد اعتقد إمبيدوقليز، وهو فيلسوف إغريقي من فلاسفة القرن الخامس قبل الميلادي أن إبصار الألوان يحدث بوساطة جسيمات صغيرة جدًا، تبعث بها الأجسام وتمر خلال العينين. وظن أن العينين إما أن تُنتجا ردّ فعل لونيًا للجسيمات، أو تدركاها ملونة. ورأى الفيلسوف الإغريقي أفلاطون، في أوائل القرن الرابع قبل الميلاد، أن إبصار الألوان يحدث بوساطة أشعة ترسل من العينين نحو الجسم. ويحتمل أن يكون أرسطو ـ وهو فيلسوف إغريقي من فلاسفة أواخر القرن الرابع قبل الميلاد ـ أول إنسان يدرك وجود علاقة بين اللون والضوء. ومع ذلك، فلقد اعتقد هو أيضًا أن اللون يحدث بوساطة شيءٍ شفاف يوجد بين الجسم والعين.
واعتقد الطبيب الإغريقي جالينوس، المنسوب للقرن الثاني الميلادي، أن إبصار الألوان ينشأ لأن أشعة تصدر من العينين تعطي الهواء المحيط بها مقدرة لحمل صور متناهية الصغر للأجسام إلى العينين. وظن أن هذه الصور تحلَّل بعد ذلك بوساطة أشباح بصرية تتحرك بين العينين والدماغ.
ابن الهيثم. خلال أوائل القرن الحادي عشر الميلادي، أدرك الفيزيائي العربي أبو علي الحسن بن الهيثم أن الإبصار يحدث نتيجة انعكاس الضوء من الأجسام إلى أعيننا. وقرر أن هذا الضوء المنعكس يكوِّن صورًا بصرية في العينين. كما أدرك أبو الحسن أن الألوان التي نراها في الأجسام تعتمد على الضوء الذي يسقط على هذه الأجسام، وعلى بعض خواص هذه الأجسام نفسها. انظر: العلوم عند العرب والمسلمين (الفيزياء).
نيوتن وجوته. خلال أواخر القرن السابع عشر وأوائل القرن الثامن عشر الميلاديين، أجرى العالم الإنجليزي السير إسحق نيوتن عدة تجارب لبحث طبيعة الضوء. وضح نيوتن عمليًا، باستخدام منشور، أن الضوء الأبيض يحتوي على كل ألوان قوس قزح. كما كان نيوتن أول من أثبت أن الضوء الملون يمكن تركيبه ليكون ضوءًا أبيض. وأدرك نيوتن أن الأشعة الضوئية ذاتها ليست ملونة ولكن الإحساس باللون ينتج في الدماغ.
وخلال أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر الميلاديين، أجرى الشاعر الألماني، جوهان فلفجانج فون جوته تجارب بالضوء الملون والظلام. وكتب كتابًا في البصريات، بدا فيه وكأنه يناقض كثيرًا من النتائج التي تحصَّل عليها نيوتن. لم يصدق جوته أن الضوء الملون يمكن توليفه ليكون ضوءًا أبيض. فقد ظن أن كل الضوء الملون كان في الحقيقة خليطًا من الضوء والظلام. وكانت تجارب جوته مفيدة في توضيح كثير من جوانب الإبصار اللوني عمليًا. وعلى كُلِّ، فلم تعد نظريات جوته لإبصار الألوان والمبنية على هذه التجارب، مقبولة عند العلماء.
نظرية المكونات الثلاثة. افتُرضت في عام 1801م بوساطة الفيزيائي الإنجليزي توماس يونج وطورت خلال الخمسينيات من القرن التاسع عشر الميلادي بوساطة الفيزيائي الألماني هيرمان فون هيلمولتز. وتعرف نظرية المكونات الثلاثة، أيضًا بنظرية يونج ـ هيلمولتز أو النظرية اللونية الثلاثية.
تفترض هذه النظرية أن للعين ثلاثة أنواع من الألياف حساسة لأطوال موجية مختلفة من الضوء. وعندما يسقط الضوء على هذه الألياف، تولد إشارات كهربائية تنتقل مباشرة إلى الدماغ. وطبقًا لنظرية المكونات الثلاثة، تقابل الأحاسيس اللونية التي تنشأ في الدماغ هذه الإشارات الكهربائية بطريقة بسيطة ومباشرة. وقد أكدت التجارب العلمية وجود الأنواع الثلاثة من الألياف، والتي يُطلق عليها الآن لفظ مخاريط.وكل نوع من المخاريط حساس بصفة خاصة لإحدى ثلاث مجموعات من الأطوال الموجية للضوء، تمثل الألوان: الأحمر والأخضر والأزرق.
نظرية اللون المضاد. اقتُرحت في عام 1874م بوساطة عالم وظائف الأعضاء الألماني، إفالد هيرنج. افترض هيرنج أنه يوجد في مكان ما في أعصاب العينين والدماغ آليتان للاستجابة، تحتوي كل منهما على زوج من الألوان المتضادة. وهذا يعني أن آليتي الاستجابة يمكنهما إرسال إشارة بأحد اللونين فقط في وقت ما. وترسل إحدى آليتي الاستجابة إشارة إما باللون الأحمر أو الأخضر، وترسل الأخرى إشارة إما باللون الأصفر أو الأزرق. وتوجد آلية ثالثة ترسل إشارة بمستوى الإضاءة. ويفسر الدماغ هذه الإشارات وينتج إحساسنا باللون. تفسر نظرية اللون المضاد كثيرًا من جوانب إبصار الألوان أحسن مما تفعل نظرية المكونات الثلاثة. فعلى سبيل المثال، تقدم نظرية اللون المضاد تفسيرًا لحقيقة عدم استطاعتنا رؤية ألوان مثل الأخضر المائل إلي الأحمر أو الأزرق المائل إلى الأصفر.
النظريات الحديثة. توحِّد النظريات الحديثة بين أفكار مأخوذة من نظرية المكونات الثلاثة ونظرية اللون المضاد لتصف المراحل المختلفة لإبصار الألوان. ففي المرحلة الأولى من إبصار الألوان تمتص ثلاثة أنواع من المخاريط الموجودة في الشبكية الضوء، وتولد إشارات كهربائية ـ كما افترضت نظرية المكونات الثلاثة. وخلال المرحلة الثانية من إبصار الألوان، تُحدث أعصاب في العين والدماغ ثلاث إشارات جديدة - تقابل الإشارات التي وصفت بوساطة نظرية اللون المضاد. ويُحتمل أن تمر إشارات الأعصاب بمراحل إضافية قبل أن يفسرها الدماغ في النهاية بالإحساس باللون.