الفيزياء، أو علم الطبيعة، هو العلم المختص بدراسة المادة والطاقة. يحاول الفيزيائيون (علماء الطبيعة) أن يفهموا ماهية المادة وأسباب سلوكها المُشَاهد، وكيفية إنتاج الطاقة، وانتقالها من موقع إلى آخر وكيفية التحكم فيها. كما أن للفيزيائيين اهتمامًا بالعلاقة بين المادة والطاقة وكيف يؤثر بعضهما في الآخر على مدى الزمان والمكان.
ومصطلح الفيزياء مشتق من كلمة إغريقية معناها الأشياء الطبيعية. وقد طور فيزيائيو الحالة الصلبة الترانزستور وأجهزة شبه الموِّصلات الأخرى التي أسهمت في التطور الكبير لصناعة الإلكترونيات منذ الحرب العالمية الثانية. والمعرفة المتحصلة من دراسة الفيزياء مهمة في العلوم الأخرى، بما في ذلك الفلك وعلم الأحياء والكيمياء وعلم الأرض. كما أن هناك صلة وثيقة بين الفيزياء والتطورات العملية في الهندسة والطب والتقنية. على سبيل المثال، يصمم المهندسون السيارات والطائرات بناء على مبادئ معينة في الفيزياء. وقد مكَّنت قوانين ونظريات الفيزياء المهندسين والعلماء من وضع المركبات الفضائية في مساراتها ومن استقبال معلومات ترسلها أقمار الفضاء التي تجوب مناطق بعيدة من المجموعة الشمسية. وأدت بحوث الفيزياء إلى استخدام المواد المشعة في دراسة وتشخيص وعلاج أمراض معينة. وإضافة إلى ذلك فإن مبادئ الفيزياء وراء تصميم كثير من الأجهزة المنزلية من المكانس الكهربائية إلى مسجلات الفيديو.
ما يدرسه الفيزيائيون
مسح مسارات الجسيمات تحت الذرية.
تطوير طلاء واقٍ للفلزات.
يحاول الفيزيائيون أن يجيبوا عن أسئلة أساسية عن العالم: كيف تكَّون وكيف يتطور. ويُجري الفيزيائيون التجريبيُّون تجارب مخططًا لها بعناية ثم يقارنون نتائجهم بما كان متوقعًا حدوثه. مثل هذه التوقعات تأتي من قوانين ونظريات طوّرها الفيزيائيون النظريون. وهذه القوانين والنظريات يُعبَّر عنها غالبًا بلغة الرياضيات التي هي أداة أساسية في الفيزياء.
والموضوعات التي يدرسها الفيزيائيون تقع في مجموعتين كبيرتين: الفيزياء التقليدية والفيزياء الحديثة، والاختلاف بينهما، في الدرجة الأولى، هو في الاهتمام والتركيز. فالفيزياء التقليدية تُعنى بالأسئلة حول الحركة والطاقة، وأقسامها خمسة: 1- الميكانيكا (علم الحركة) 2- الحرارة 3- الصوت 4- الكهرباء والمغنطيسية 5- الضوء. أما الفيزياء الحديثة فتركز على دراسة التركيب الأساسي للعالم المادي، وتشمل حقولها الكبيرة: 1- الفيزياء الذرية والجزيئية والإلكترونية 2- الفيزياء النووية 3- فيزياء الجسيمات 4- فيزياء الطاقة الصلبة 5- فيزياء الموائع والبلازما.
--------------------------------------------------------------------------------
فروع الفيزياء الكبيرة
--------------------------------------------------------------------------------
البصريات : تدرس طبيعة وسلوك الضوء.
الجيوفيزياء : هي دراسة الأرض وجوها ومياهها بوساطة مبادئ الفيزياء.
الدينامية الحرارية : دراسة الحرارة وأشكال الطاقة الأخرى وتحولات الطاقة من شكل إلى آخر.
الدينامية الكهربائية : تحلل العلاقة بين القوى الكهربائية والمغنطيسية.
علم الصوتيات : يدرس إنتاج وخواص الصوت.
فيزياء البلازما : تهتم بدراسة الغازات المؤيَّنة. بدرجة عالية - أي الغازات التي انفصلت إلى جسيمات موجبة أو سالبة الشحنة.
الفيزياء الجزيئية : تدرس تركيب وخصائص وسلوك الجزيئات.
فيزياء الجسيمات أو فيزياء الطاقة العالية : تحلل سلوك وخواص الجسيمات الأولية.
فيزياء الحالة الصلبة : وتسمى أيضًا فيزياء المادة المكثفة أيضًا تتناول الخصائص الفيزيائية للمواد الصلبة.
فيزياء الحرارة المنخفضة : تدرس الحرارة المنخفضة جدًا.
الفيزياء الحيوية : تطبق أدوات ووسائل الفيزياء لدراسة الأحياء والعمليات الحيوية.
الفيزياء الذرية : تدرس تركيب وخصائص وسلوك الذرة.
الفيزياء الرياضية : هي دراسة النظم الرياضية التي تمثل الظواهر الطبيعية.
فيزياء الصحة : تتعلق بحماية الذين يعملون في مجال الإشعاع أو قريبًا من الإشعاع.
فيزياء الكَم : تشمل مجالات عديدة تُبنى فيها الدراسة على النظرية الكمية، التي تعنى بالماء والإشعاع الكهرومغنطيسي وتفاعلاتهما.
فيزياء الموائع : تُعنى بسلوك وحركة السوائل والغازات.
الفيزياء النووية : تُعنى بتركيب وخصائص النواة الذرية وبالتفاعلات النووية وتطبيقاتها.
الميكانيكا : تُعنى بسلوك الأجسام والنظم الفيزيائية عند استجابتها للقوى المختلفة.
الميكانيكا تُعنى بدراسة الأجسام في حالتي السكون والحركة. فهي تدرس، على سبيل المثال، كيف تعمل القوة على جسم لتنتج تسارعًا. وميكانيكا الأجسام المتحركة تسمى الديناميكا، وميكانيكا الأجسام الساكنة تسمى الإستاتيكا أو علم السكون. وهناك فرع من الميكانيكا اسمه ميكانيكا الموائع، يُعنى بسلوك السوائل والغازات. وتُستخدم مبادئ الميكانيكا لوصف أنواع من الحركة، مثل مدارات الكواكب ومسارات أجسام متحركة أخرى. كما أن هذه المبادئ مهمة لمصممي الجسور والمنشآت الأخرى، ولمهندسي الطرق ولصانعي الحاويات والأنواع المختلفة من المركبات. انظر: الإستاتيكا.
الحرارة. دراسة الحرارة تسمى الدينامية الحرارية، وتتعلق ببحث كيفية إنتاج الحرارة وانتقالها من موقع إلى آخر وتأثيرها على المادة وكيفية تخزينها. ويمكن تحويل الطاقة الحرارية إلى أنواع أخرى من الطاقة وبالعكس. فعند احتراق الفحم الحجري على سبيل المثال، يتحول جزء من الطاقة الكيميائية التي تربط بين جزيئاته إلى حرارة. وتشمل الدينامية الحرارية أيضًا علم التقريس الذي يدرس المواد عند درجات منخفضة جدًا من الحرارة. ومبادئ الدينامية الحرارية ضرورية لفهم كل أنواع الآلات الحرارية، التي تشمل آلات الديزل والبنزين والبخار كما تشمل آلات أجهزة التبريد. انظر: الحرارة؛ الدينامية الحرارية.
الصوت. دراسة الصوت تسمى الصوتيات. ويتكون الصوت من الاهتزازات التي ينتجها جسم وتنتقل خلال وسط، مثل الهواء أو الماء أو جدران المباني. وفهم الصوت مهم لتصميم القاعات الكبيرة ومعينات السمع ومسجلات الأشرطة وأجهزة الفونوغراف ومكبِّرات الصوت. وتشمل دراسة الصوت كذلك الموجات فوق الصوتية التي تختص بالاهتزازات التي تكون تردداتها أعلى من مدى السمع البشري. انظر: الصوتيات، علم؛ الصوت.
الكهرباء والمغنطيسية تتصلان اتصالاً وثيقًا حتى إن العلماء كثيرًا ما يشيرون إليهما معًا بمصطلح الكهرومغنطيسية. فحركة الشحنات الكهربائية يمكن أن تُحدث تأثيرات مغنطيسية، والقوى المغنطيسية يمكن أن تُحدث تأثيرات كهربائية. ومعرفة هذه العلاقة أدت إلى تطوير مولدات كهربائية ضخمة وتطوير الأجهزة الإلكترونية مثل المذياع والتلفاز والحاسوب. انظر: الكهرباء؛ الكهرومغنطيسية؛ الإلكترونيات؛ المغنطيس والمغنطيسية.
الكهرباء والمغنطيسية تتصلان اتصالاً وثيقًا حتى إن العلماء كثيرًا ما يشيرون إليهما معًا بمصطلح الكهرومغنطيسية. فحركة الشحنات الكهربائية يمكن أن تُحدث تأثيرات مغنطيسية، والقوى المغنطيسية يمكن أن تُحدث تأثيرات كهربائية. ومعرفة هذه العلاقة أدت إلى تطوير مولدات كهربائية ضخمة وتطوير الأجهزة الإلكترونية مثل المذياع والتلفاز والحاسوب. انظر: الكهرباء؛ الكهرومغنطيسية؛ الإلكترونيات؛ المغنطيس والمغنطيسية.
الضوء. دراسة الضوء تسمى البصريات، ولها فرعان كبيران:البصريات الفيزيائية والبصريات الهندسية. يدرس الفيزيائيون في البصريات الفيزيائية طبيعة الضوء والعمليات الفيزيائية التي تتسبب في انطلاقه من الأجسام وانتقاله من مكان إلى آخر. أما البصريات الهندسية فهي دراسة كيفية انتقال الضوء وتأثير المواد المختلفة في اتجاه انتقاله. مثل هذه الدراسة مهمة لفهم تطبيقات مثل العدسات والمرايا التي تستخدم في المناظير الفلكية والمجاهر والنظارات. انظر: الضوء؛ البصريات، علم.
الفيزياء الذرية والجزيئية وفيزياء الإلكترون تُعنى بمحاولات فهم التركيب الذري والجزيئي وحركة الإلكترونات وخواصها. وتركزِّ هذه الدراسات بصفة خاصة، على سلوك وترتيب وحركة وطاقة الإلكترونات التي تدور حول النوى الذرية. وقد كشفت البحوث في الفيزياء الذرية والجزيئية وفيزياء الإلكترون عن الكثير فيما يخص تركيب المادة. على سبيل المثال، تأكد للعلماء أن المواد يختلف بعضها عن الآخر في ترتيب الذرات في الجزيئات. وبسبب هذا الاختلاف نجد أن الطريقة التي تمتص بها المادة الطاقة الكهرومغنطيسية وتبثها مختلفة في كل مادة عن الأخرى. ونتيجة لهذا يتمكن العلماء من تمييز المادة بناء على النشاط الكهرومغنطيسي وحده. ولهذه الطريقة في تمييز المواد تطبيقات مهمة في الطب وفي الحالات المعينة التي تنشأ في الصناعة عندما تكون كميات المادة المعنية قليلة جدًا. انظر: الذرة؛ الإلكترون؛ الجزيء.
الفيزياء النووية تُعنى بدراسة تركيب وخصائص النواة الذرية، وتركز بصفة خاصة على النشاط الإشعاعي والانشطار والاندماج. والنشاط الإشعاعي هو العملية التي بموجبها تطلق بعض النوى تلقائيًا جسيمات عالية الطاقة أو أشعة. وتُستخدم المواد المشعة لعلاج السرطان ولتشخيص الأمراض ولمتابعة العمليات الكيميائية والفيزيائية. والانشطار هو عملية انقسام النواة الذرية إلى جزءين متساويين تقريبًا مع إطلاق قدر هائل من الطاقة. ومن الانشطار تأتي طاقة القنابل الذرية والمفاعلات النووية. أما الاندماج فهو عملية التحام نواتي ذرتين لتكونا نواة عنصر أثقل، ويحدث بالدرجة الأولى في حالة الهيدروجين والعناصر الخفيفة الأخرى. وتنتج عملية الاندماج، التي تطلق طاقة أكبر من طاقة الانشطار، طاقة القنبلة الهيدروجينية. انظر: الفيزياء النووية.
فيزياء الجسيمات. اكتشف الفيزيائيون أن البروتونات والنيوترونات داخل النواة الذرية تتكون من جسيمات أولية أدق. ويُجري فيزيائيو الجسيمات الأبحاث باستخدام أجهزة تسمى معجِّلات الجسيمات. وتستطيع هذه الأجهزة أن تدفع بالجسيمات تحت الذرية إلى سرعات عالية جدًا. وعندما تبلغ سرعات هذه الجسيمات قيمًا قريبة جدًا من سرعة الضوء، يُسْمح لها بالتصادم مع المادة. ويدرس الفيزيائيون الشظايا التي تنتج من التصادمات ويقيسون طاقاتها. وبهذه الكيفية يأملون أن يفهموا كيف تترابط الجسيمات الأولية لتكون البروتونات والنيوترونات والجسيمات تحت الذرية الأخرى. انظر: معجل الجسيمات؛ فيزياء الجسيمات.
فيزياء الحالة الصلبة. وتسمى أيضًا فيزياء المادة المكثَّفة. يمكن تصنيف المواد الصلبة وفق الكيفية التي تتفاعل بها الإلكترونات والنوى في الذرات المختلفة. ويهتم الفيزيائيون الذين يدرسون المواد الصلبة بتأثر خصائص هذه المواد بعوامل مثل الحرارة والضغط. فبعض المواد الصلبة مثلاً، تفقد كل المقاومة الكهربائية عند الدرجات المنخفضة جدًا، مما يجعلها تتحول إلى موصّلات فائقة. وأبحاث التركيب الإلكتروني للمواد الصلبة ذات أهمية خاصة في فهم سلوك أشباه الموصّلات التي هي أساس الأجهزة الإلكترونية الحديثة. انظر: شبه الموصل؛ فيزياء الأجسام الصلبة؛ التوصيل الفائق.
فيزياء الموائع والبلازما. فيزياء الموائع الحديثة مبنية على مبادئ ميكانيكا الموائع التقليدية. ويعتبر فهم سلوك وحركة الموائع أمرًا مهمًا لتصميم وصناعة السيارات والسفن والطائرات والصواريخ، كما هو مهم لدراسة الأحوال الجوية. أما فيزياء البلازما فتُعنى بدراسة الغازات التي تسمى البلازما. فعندما تزيد طاقة الغاز على قدر معين يصبح الغاز مؤيّنًا، أي مكوَّنًا من جسيمات مشحونة كهربائيًا، لانفصال الجسيمات سالبة الشحنة عن الجسيمات موجبة الشحنة. ويسمى هذا الغاز البلازما، ويستخدم في أضواء النيون وفي المصابيح الفلورية. ويدرس الفيزيائيون كيف يمكن التحكم في البلازما من أجل استخدامها لإنتاج طاقة الاندماج لتوليد الكهرباء. انظر: السوائل، علم؛ الميكانيكا؛ البلازما.
نبذة تاريخية
ارتبطت الفيزياء عبر القرون ارتباطًا وثيقًا بالتطورات التقنية وبالتقدم في الرياضيات والفلك والعلوم الأخرى. وسُجِّل استخدام كلمة الفيزياء بمعناها الحالي في القرن الثامن عشر الميلادي.
--------------------------------------------------------------------------------
تواريخ مهمة في الفيزياء
--------------------------------------------------------------------------------
القرن الرابع قبل الميلاد قدم أرسطو نظريات في مجالات عديدة من الفيزياء.
القرن الثالث قبل الميلاد اكتشف أرخميدس قانون العتلة وقوانين تتعلق بسلوك السوائل.
القرن الثاني الميلادي تصور بطليموس أن الأرض ساكنة تدور حولها النجوم والكواكب والشمس والقمر.
1017م اخترع البيروني أول جهاز لقياس كثافة المواد.
1020م وضع العالم العربي ابن الهيثم أساس علم البصريات في عدة كتب فيزيائية مهمة مثل كتاب المناظر الذي درس فيه الضوء وانكساراته وطبيعة الإبصار وتشريح العين.
1135م أجرى الخازن أولى التجارب لإيجاد العلاقة بين وزن الهواء وكثافته.
نحو 1270م أجرى روجر بيكون دراسات في البصريات.
1543م نشر نيكولاس كوبرنيكوس نظريته بأن الأرض والكواكب تتحرك في مدارات دائرية حول الشمس.
نحو 1600م اكتشف جاليليو قوانين مهمة في حقول فيزيائية كثيرة، بصفة خاصة في الميكانيكا.
1687م نشر نيوتن قوانينه للحركة.
1690م نشر كريستيان هايجنز نظرية مَوجيِّة الضوء.
1798م ذكر بنيامين طومسون وكاونت رمفورد أن حركة الجسيمات خلال مادة تنتج حرارة.
1801م - 1803م أحيا توماس يونج النظرية الموجية للضوء.
1803م أعلن جون دالتون لأول مرة نظريته الذرية عن تركيب المادة.
أوائل الثلاثينيات من القرن التاسع عشر الميلادي . أنتج مايكل فارادي وجوزيف هنري كل على حده الكهرباء من المغنطيسية.
1847م اكتشف جيمس جول أن الحرارة والطاقة يمكن أن يتحول كل منهما للآخر بمعدل ثابت.
1864م نشر جيمس كلارك ماكسويل نظريته الكهرومغنطيسية للضوء.
1887م أثبتت تجربة مايكلسون ومورلي عدم وجود الأثير.
1895م اكتشف ويلهلم ك. رونتجن الأشعة السينية.
1896م اكتشف أنطوان هنري بكويريل الإشعاع الطبيعي.
1898م استخلصت ماري كوري وزوجها بيير عنصر الراديوم المشع.
1900م نشر ماكس بلانك نظريته الكمية.
1905م نشر أينشتاين نظريته النسبية الخاصة.
1911-1913م اقترح إرنست رذرفورد ونيلز بور نماذج على شكل نظام كوكبي للذرة.
1915م أعلن أينشتاين نظريته النسبية العامة.
1924م قدم لوي دي بروغلي النظرية الموجية للإلكترون.
1925م - 1926م طوّر كل من إيرفين شرودينجر وفرنر هيسينبرج، كل على حده، نظمًا لتنسيق الفيزياء الكمية.
1930م تنبأ بول ديراك بوجود البوزيترون وهو إلكترون موجب الشحنة.
1932م أنشأ السيرجون كوكروفت وأرنست والتن أول مُعجِّل جُسيمات.
1938م تمكن أوتو هان وفرتز ستراسمان من شطر ذرة اليورانيوم.
1942م حقق إنريكو فيرمي وزملاؤه أول تفاعل نووي متحكَّم فيه.
1947م اخترع جون باردين ووالتر. براتين وويليام شوكلي الترانزستور.
1960م صنع ثيودور ميمان أول ليزر.
1964م اقترح موري جل ـ مان وجورج زفايج وجود جسيمات الكوارك جسيمات أساسية.
1974م اكتشف بيرتون ريختر وصمويل. سي. سي. تنج نوعًا من الجسيمات تحت الذرية سمِّي بجسيم إبساي أو جسيم جي.
1983م اكتشف باحثون تحت قيادة كارلو روبيا ثلاثة جسيمات تحت ذرية، هي جسيمات W+و W- وZ° .
بدايات الفيزياء ترجع إلى عصور ما قبل التاريخ. فقد دلت المنشآت الحجرية التي بناها إنسان ما قبل التاريخ على بعض المعرفة بالميكانيكا. ومثل هذه المعرفة ضرورية لنقل الحجارة ولوضع بعضها فوق بعض. وإضافة إلى ذلك، هناك ما يدل على أن إنسان ما قبل التاريخ، قد استخدم هذه المنشآت الحجرية لتوضيح الأوقات المهمة في الدورة الموسمية للشمس والقمر.
وكان السومريون والبابليون والمصريون أول الشعوب التي خلّفت سجلات مكتوبة لاكتشافاتها. فبحلول عام 3000ق.م تقريبًا، كان السومريون قد طوروا نظامًا للأعداد واستخدموا الصيغ الجبرية لمتابعة وتوقع حركات النجوم والشمس والقمر والكواكب. وحدثت تطورات مماثلة في مصر وبابل. وطور المصريون كذلك الآليات الهندسية العملية لاستخدامها في البناء ومسح الأراضي.
أرخميدس، المخترع الإغريقي، اكتشف عددًا من المباديء الأساسية في الفيزياء خلال القرن الثالث قبل الميلاد، كما طور عددًا من أساليب القياس.
الإغريق كانوا أول شعب يطور نظم نظرية عامة للرياضيات والعلوم الطبيعية. فقد طوَّروا، نحو عام 600ق.م، فهمًا عامًا لمبادئ الهندسة، ورتب الرياضي الإغريقي إقليدس هذه المبادئ في نظام موحد نحو 300ق.م.
وكان الإغريق مراقبين حريصين وجادين للعالم الطبيعي. ففي القرن الرابع قبل الميلاد قدم الفيلسوف أرسطو براهين، مؤسسة على الدليل الفيزيائي، لكروية الأرض. وفي القرن الثالث قبل الميلاد تمكن الفلكي إيراتوسثينيز من حساب محيط الأرض، كما قدر الفلكي أريستاركوس المسافات النسبية للقمر والشمس. وفي القرن الثالث قبل الميلاد اكتشف المخترع والرياضي أرخميدس عددًا من المبادئ العلمية الأساسية وطوّر عددًا من طرائق القياس.
وفي القرن الثاني قبل الميلاد قدم بطليموس، وهو فلكي من مصر، أنموذجًا للتنبؤ بمواقع الشمس والقمر والنجوم والكواكب. وكان بطليموس يعتقد أن الأرض مركز الكون، شأنه في ذلك شأن أرسطو وفلاسفة الإغريق الآخرين. وقد ظل نظام بطليموس يُستخدم للتنبؤ بحركة الأجرام السماوية لما يقرب من 1,500 عام.
العرب والمسلمون. بدأ اهتمام العرب بالفيزياء منذ منتصف القرن الثالث الهجري التاسع الميلادي. وكانوا قد أخذوا مبادئ هذا العلم عن اليونان، وخرجوا بهذه المبادئ من المجال الفلسفي النظري الذي عرف به اليونان إلى مجال التجربة والاستقراء. فألفوا فصولاً متخصصة في علم السوائل وكيفية حساب الوزن النوعي، وكتبوا في الأنابيب الشعرية وتعليل ارتفاع المواقع وانخفاضها مما قادهم إلى البحث في التوتر السطحي.
وأسهم العرب كثيرًا في علوم الضوء والبصريات، وكانت أعمال الحسن بن الهيثم المرجع المعتمد لدى أهل أوروبا حتى وقت متأخر، وإليه يعزى أول بحث عن أقسام العين وكيفية الإبصار وانكسار الضوء وانعطافه. وكانت أعمال العلماء العرب هي التي جعلت هذا العلم يستقل عن الرياضيات والهندسة لأول مرة.
تناولت أبحاث الفيزيائيين العرب الميكانيكا (علم الحيل) وألفوا في ذلك مصنفات كثيرة، وطبقوا نتائج أبحاثهم في فنونهم الصناعية كصناعة الساعات المائية والرملية والشمسية والأواني، والآلات الرافعة، والموازين الدقيقة. كما طبقوا مبادئ علم الفيزياء في الأصوات على الموسيقى. كما كانت أبحاث الفيزيائيين العرب والمسلمين المتناثرة في الجاذبية اللبنة الأولى لعلم الجاذبية التي بنى عليها كل من نيكولاس كوبرنيكوس ويوهانز كيبلر نظرياتهما كما اعترفا بذلك. كما استفاد من ذلك أيضًا كل من جاليليو جاليلي وإسحق نيوتن في وضع القوانين القائمة على أسس رياضية لتحديد قوة الجاذبية. انظر: العلوم عند العرب والمسلمين (الفيزياء).
ومع ازدياد حجم التجارة بين الحضارات العربية في الشرق والحضارات النصرانية في الغرب خلال القرن الحادي عشر الميلادي، وبفضل الفتوحات الإسلامية، انتقلت المؤلفات الإغريقية والعربية إلى الغرب. وفي البداية رفضت الكنيسة علم أرسطو والإغريق الآخرين. ولكن، في القرن الثالث عشر، تمكن سان ألبرت ماجنس المعروف باسم القديس ألبرت الكبير والقديس توما الإكويني، وآخرون من علماء النصارى، من التوفيق بين العلم الطبيعي ومبادئ الكنيسة. كما ازداد الاهتمام بالمشاهدات العلمية والتجارب خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين وعكف كثير من علماء الغرب على دراسة ما أنجزه العلماء العرب في الفيزياء إضافة إلى ما وضعه الإغريق. وبدأت تظهر كتابات عديدة منها كتابات العالمين الإنجليزيين روبرت جروسيتست وروجر بيكون التي قدمت طرقًا فعالة للبحث العلمي.
وكانت الاختراعات العملية في الزراعة والحقول الأخرى أيضًا من عوامل ازدهار البحث العلمي في أوروبا خلال القرنين الأخيرين من العصور الوسطى. وفي الصين، وأقطار آسيوية أخرى، انتعش النشاط العلمي والاختراع خلال هذه الفترة.
عصر النهضة هو الاسم الذي أُطلق على فترة التاريخ الأوروبي خلال الفترة من بداية القرن الرابع عشر الميلادي حتى نحو عام 1600م. اتسمت هذه الفترة بالإثارة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية التي أنتجت مداخل جديدة وكثيرة في كل من الآداب والعلوم.
في القرن الرابع عشر الميلادي، بحث علماء في جامعتي أكسفورد وباريس من أمثال ريتشارد سواينهيد ونيكول أوريسم مسألة وصف الحركة. وفي القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين أجرى الرسام والمخترع الإيطالي المشهور ليوناردو دافينشي دراسات على الحركة وعلم السوائل.
النظام الكوني الذي اقترحه الفلكي البولندي نيكولاس كوبرنيكوس عام 1543م وضع الشمس ، وليس الأرض، في المركز.
جاليليو، في إيطاليا، اكتشف قانون الأجسام الساقطة وقانون البندول. وفي عام 1609م بدأ في إنشاء التلسكوبات الفلكية لرصد الأجرام السماوية.
وفي عام 1543م نشر الفلكي البولندي نيكولاس كوبرنيكوس نظامًا ثوريًا للكون وضع فيه الشمس، بدلاً من الأرض، في المركز. وقدم كوبرنيكوس فكرة أن الأرض كوكب من الكواكب التي تدور حول الشمس. ولم يقبل أحد، تقريبًا، هذه النظرة في ذلك الوقت. وشعر قادة الكاثوليك والبروتستانت، على حد سواء، أن هذا النظام يتعارض مع معتقداتهم الدينية. كما كانت هنالك اعتراضات علمية جادة على النظام المقترح. وكان قبول النظام الكوبرنيكي يتطلب إعادة النظر في قاعدة العلم الطبيعي بأكملها. وهذا ما حدث في الواقع خلال القرن ونصف القرن التاليين، من خلال عمل شخصيات بارزة مثل جاليليو ويوهانز كيبلر ورينيه ديكارت بصفة خاصة.
وأنشأ الفلكي والفيزيائي الإيطالي جاليليو، مبتدئًا في عام 1609م، عددًا من المناظير الفلكية لمشاهدة السماء. ورغم أن مشاهدات جاليليو الفلكية لم تبرهن على صحة النظام الكوبرنيكي، إلا أنها أثارت الشكوك حول النظرة التقليدية. كما أن جاليليو صقل فكرة التجربة المعملية في دراسته لحركة الأجسام الساقطة. وبرهن على أن فرضية سقوط كل الأجسام بمعدل ثابت واحد، في غياب التأثيرات الخارجية، تُكسب المرء فهمًا لكيفية سقوط الأجسام نحو الأرض.
وفي أوائل القرن السابع عشر الميلادي، استخدم الفلكي والرياضي الألماني يوهانز كيبلر مشاهدات الآخرين، فأنشأ أنموذجًا جديدًا مضبوطًا للمجموعة الشمسية. وفي منتصف القرن السابع عشر الميلادي تحدى الفيلسوف والرياضي الفرنسي رينيه ديكارت الافتراض الذي كان سائدًا منذ أمد طويل، بأن غياب الحركة هو الحالة الطبيعية للأجسام. وبدلاً من ذلك، قدم فكرة أن للأجسام قصورًا ذاتيًا، أي أنها تحافظ على حالتها الحركية إلا إذا أثر عليها مؤثر خارجي.
وتعكس أعمال جاليليو وكيبلر وديكارت تغيرًا في النظرة التي كانت سائدة في أوروبا وتهز بعض المبادئ والقواعد التي استقرت ردحًا من الزمن. وبدأ الناس يعتقدون أن العالم الفيزيائي محكوم بقوانين طبيعية وأن اكتشاف هذه القوانين ممكن. وبدأ يتضح أن الطريق المؤدي لاكتشاف القوانين يبدأ بالتجارب الدقيقة التي تُجرى، إن أمكن، تحت ظروف مختبرية متحكَّم فيها.
السير إسحق نيوتن من إنجلترا، صاغ قوانين الحركة والجاذبية في أواخر القرن السابع عشر الميلادي ،كما أنه أوضح بالتجربة أن الضوء الأبيض يتكون من كل الألوان.
نيوتن. بحلول القرن السابع عشر الميلادي أصبح النشاط العلمي مزدهرًا. وعلى قمة هذا النشاط المتزايد كان نشر كتاب المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية، في عام 1687م، الذي كتبه العالم الإنجليزي الفذ إسحق نيوتن. وفي هذا العمل، أوضح نيوتن كيف أن كلاً من حركات الأجرام السماوية وحركات الأجسام على سطح الأرض أو بالقرب منها يمكن أن تفسَّر بأربعة قوانين بسيطة. وهذه القوانين هي قوانين نيوتن الثلاثة للحركة وقانونه للجاذبية الكونية.
ولخصت قوانين نيوتن للحركة عمل جاليليو وديكارت ووسعتهما. وفسر قانونه للجاذبية الكونية كلاً من قانون جاليليو للأجسام الساقطة وقوانين كيبلر لحركة الكواكب. اخترع نيوتن نوعًا جديدًا من الرياضيات، يسمى حساب التفاضل والتكامل استخدمه لإجراء بعض أبحاثه وحساباته، كما اخترعه بصفة مستقلة في ذات الوقت عالم رياضي آخر هو غوتفريت فلهلم لايبنيز من ألمانيا. انظر: حساب التفاضل والتكامل.
وإضافة إلى اكتشافاته النظرية صنع نيوتن أول تلسكوب فلكي عاكس. كما استخدم المنشور لإجراء تجارب رائعة على الضوء، قادته إلى فكرة أن الضوء الأبيض خليط من كل الألوان. وفي عام 1704م نشر نظرية جسيمية عن الضوء. وقد نافست هذه النظرية نظرية أخرى عن الضوء كان قد تقدم بها الفيزيائي الهولندي كريستيان هايجنز عام 1678م، ولم تنشر إلا عام 1690م. تقول نظرية هايجنز إن الضوء ينتقل على شكل موجات وليس جسيمات. غير أن أغلب العلماء، خلال القرن الثامن عشر، قبلوا نظرية نيوتن الجسيمية.
التطورات في القرن التاسع عشر الميلادي. قادت الثورة الصناعية، التي بدأت في بريطانيا في القرن الثامن عشر الميلادي، إلى إنتاج أجهزة علمية بالغة الدقة، في عصرها، مكنت العلماء من إجراء تجارب أكثر تعقيدًا. ومع جنوح البحث العلمي نحو المزيد من التعقيد، أخذ الناس يتخصصون في مجالات دراسية أضيق. وكانت هناك ثلاثة مجالات ذات أهمية خاصة في القرن التاسع عشر الميلادي هي: الحرارة والطاقة، والضوء، والكهرباء والمغنطيسية.
التطورات في دراسة الحرارة والطاقة. في بداية القرن التاسع عشر الميلادي كان الاعتقاد الشائع أن الحرارة نوع من سائل اسمه السائل السعري، لكن بحلول منتصف القرن أصبح العلماء يعتبرون الحرارة شكلاً من أشكال الطاقة، أي أدركوا أن الحرارة تؤدي عملاً. وفي الأربعينيات من القرن التاسع عشر أوضح الفيزيائي الإنجليزي جيمس جول كيفية حساب مقدار الطاقة الذي يمكن أن ينتجه قدر محدد من الحرارة. وفي ذات الوقت تقريبًا اقترح عدد من الفيزيائيين، باستقلال بعضهم عن بعض، قانون بقاء الطاقة. ومن بين هؤلاء اللورد كلفين من بريطانيا وهيرمان فون هيلمولتز من ألمانيا. وينص هذا القانون على أن الطاقة لا تنقص ولا تزيد وإنما تتحول فقط من نوع إلى آخر. انظر: الطاقة.
وبحلول منتصف القرن التاسع عشر الميلادي أصبح مفهومًا أن الطاقة الحرارية ناتجة عن التحركات الميكانيكية للذرات التي تتكون منها كل الأجسام. وقد بني هذا التفسير على النظرية الذرية التي قدمها الكيميائي الإنجليزي جون دالتون في عام 1803م.
تطورات دراسة الضوء. بين عامي 1800م و1803م نشر الفيزيائي الإنجليزي توماس يونج سلسلة من الأوراق العلمية، بُنيت على تجاربه، أحيت النظرية الموجية للضوء. وبين نحو 1815م و1819م قدم الفيزيائي الفرنسي أوغستين فرسنل مزيدًا من الأدلة على ذلك. وبحلول عام 1850م كانت النظرية الموجية للضوء مقبولة من الجميع تقريبًا، وحلت محل نظرية نيوتن الجسيمية.
قادت النظرية الموجية للضوء الفيزيائيين لاقتراح وجود مادة تسمى الأثير. فقد احتجوا بأنه مادام الضوء ينتقل في موجات، ويمكنه أن ينتقل عبر الفراغ. فلابد من وجود مادة تحمل الموجات، هي مادة الأثير، التي تملأ كل المكان بما في ذلك الفراغ. وفسروا طاقة الضوء على أنها اهتزاز الأثير، على شكل موجات. انظر:الأثير.
تطور دراسة الكهرباء والمغنطيسية. في عام 1800م أعلن كاونت إليساندرو فولتا اختراعه أول بطارية كهربائية. وفتح هذا الاختراع الطريق أمام طرق جديدة لدراسة الظواهر الكهربائية. وفي نحو عام 1820م وجد الفيزيائيان أندريه ماري أمبير من فرنسا وهانز كريستيان أورستيد من الدنمارك أن بين الكهرباء والمغنطيسية صلة. وفي أوائل الثلاثينيات من القرن التاسع عشر أوضح الفيزيائي الإنجليزي مايكل فارادي والفيزيائي الأمريكي جوزيف هنري، كل منهما على حدة، كيفية إنتاج الكهرباء من حقل مغنطيسي متغير. وبينت تجاربهما أن الطاقة الميكانيكية يمكن أن تتحول إلى طاقة كهربائية وأدت إلى المبادئ التي بُني عليها المولد والمحرك.
وفي الستينيات من القرن التاسع عشر طوّر الفيزيائي والرياضي الأسكتلندي جيمس كلارك ماكسويل نظرية فسرت الضوء المرئي على أنه حركة الموجات الكهرومغنطيسية. وقال ماكسويل بإمكانية وجود موجات كهرومغنطيسية مماثلة غير مرئية. وفي أواخر الثمانينيات من القرن التاسع عشر الميلادي اكتشف الفيزيائي الألماني هينريتش هرتز تجريبيًا هذه الموجات الراديوية غير المرئية. وقاد اكتشاف هرتز هذا، في نهاية الأمر، إلى تطوير أجهزة المذياع والرادار والتلفاز كما أفاد في إدراك الصلة بين الضوء والكهرباء والمغنطيسية، إذ أصبحت النظرة أنها جميعًا ناتجة عن موجات في الأثير. ومثل هذه الموجات يشار إليها أحيانًا بلفظ الإشعاع الكهرومغنطيسي.
ويلهلم رونتجن من ألمانيا، اكتشف الأشعة السينية في عام 1895م. وساعد استخدام الأشعة السينية الأطباء في تشخيص الأمراض والجروح وأحدث ثورة في الطب.
ماري كوري من فرنسا، خطت بدراسة الإشعاع الطبيعي خطوات كثيرة إلى الأمام. ففي عام 1898م تمكنت وزوجها بيير من استخلاص عنصر الراديوم المشع.
بداية الفيزياء الحديثة. قرب نهاية القرن التاسع عشر اقتنع عدد كبير من الفيزيائيين بأن مهمة الفيزياء قد شارفت نهايتها. واعتقد بعضهم أن كل قوانين الفيزياء سيُعبَّر عنها، يومًا ما، بمعادلات قليلة بسيطة.
غير أن عددًا قليلاً من القضايا كان لايزال ينتظر الحل. وإحدى هذه القضايا مسألة تحديد مصدر الإشعاع الكهرومغنطيسي. وكان العلماء يدركون أن كل عنصر كيميائي يشع ـ تحت الظروف المناسبة ـ خليطًا فريدًا من الضوء المرئي، والضوء تحت الأحمر والضوء فوق البنفسجي، يسمى الأطياف الخطية. وكانت الذرة، آنذاك، تعتبر الوحدة الأساسية للمادة في الكون. لكن ظاهرة الأطياف الخطية دعت بعض الفيزيائيين للتفكير في أن الذرة نفسها قد تكون مكونة من وحدات أولية أدق.
وظل حلم تفسير كل الظواهر الفيزيائية بمجموعة صغيرة من القوانين الأساسية دون تحقق. وبدلاً من ذلك، بدأت اكتشافات عديدة تُظْهِر أن مثل هذه الظواهر أكثر تعقيدًا مما كان العلماء يظنون. فعلى سبيل المثال اكتشف ويلهلم رونتجن، من ألمانيا، الأشعة السينية عام 1895م. وفي عام 1896م اكتشف الفيزيائي الفرنسي أنطوان هنري بكويريل الإشعاع الطبيعي، الانطلاق التلقائي للإشعاع من الذرات.
وفي عام 1897م اكتشف الفيزيائي البريطاني جوزيف. تومسون أول جسيم تحت ذري، سمِّي فيما بعد بالإلكترون. وفي عام 1898م استخلص الفيزيائيان الفرنسيان ماري كوري وزوجها بيير عنصر الراديوم المشع. وكانت هذه التطورات مؤشرًا إلى أن مهمة الفيزياء قد بدأت لتوها وليست على وشك النهاية كما ظُنَّ من قبل.
نظرية الكم. حدثت في أوائل القرن العشرين تطورات ثورية في الفيزياء. فقدبدأ العلماء يبحثون عن التناقضات في الفيزياء التقليدية واكتشفوا تفسيرات جديدة للظواهر المشاهدة.
وفي عام 1900م نشر الفيزيائي الألماني ماكس بلانك نظريته الكَميِّة عن نقل الطاقة ليفسر طيف الضوء الذي تطلقه أجسام ساخنة معينة. وتنص النظرية على أن الطاقة لا تُطلق باستمرار لكن في شكل وحدات مفردة تسمى الوحدة منها كمًا. في عام 1905م اقترح أينشتاين، الفيزيائي الأمريكي الألماني المولد، جسيمًا جديدًا ـ سميّ فيما بعد الفوتون ـ حاملاً للطاقة الكهرومغنطيسية؛ وقال إن الضوء رغم طبيعته الموجية، لابد أن يكون مكونًا من جسيمات الطاقة هذه.
نيلز بور أوضح عام 1913م أن الإلكترونات التي تدور حول النواة الذرية تطلق أو تمتص كمات من الطاقة بالقفز من مدار إلى آخر.
وفي عام 1913م شرح الفيزيائي الدنماركي نيلز بور، بدلالة وحدات الكم، كيف تمتص الذرات الطاقة وتشعها. وفي عام 1924م تقدم الفيزيائي الفرنسي لويس دو بروغلي بفكرة أن الإلكترونات أيضًا يمكن أن تُبدي خصائص موجية. وفي منتصف العشرينيات من القرن العشرين أنشأ الفيزيائيان إيرفين شرودينجر من النمسا، وفرنر هيسينبرج من ألمانيا، باستقلال عن بعضهما، نظامين متكافئين يحويان في صياغة رياضية واضحة كل الفيزياء الكمية السابقة. وتطورت الآراء المشتركة لشرودينجر وهيسينبرج على أيدي الكثيرين لتصبح الحقل المعروف باسم ميكانيكا الكم. انظر: ميكانيكا الكم.
أينشتاين والنسبية. خلال القرن التاسع عشر حاول الفيزيائيون قياس سرعة الأرض بالنسبة للأثير ولم يفلحوا. والأثير في الفيزياء التقليدية ساكن وليست له حركة. وفي أوائل الثمانينيات من القرن التاسع عشر الميلادي فسر الفيزيائي الهولندي هندريك لورنتز هذا الفشل بافتراض أن الأرض تجرُّ معها الجزء من الأثير الملاصق لها أثناء تحركها خلال الأثير. ثم تمكن الفيزيائيان الأمريكيان ألبرت أ. مايكلسن وإدوارد و. مورلي من تطوير جهاز يعطي قياسات أدق بكثير مما كان ممكنًا بالأجهزة السابقة. ساعدت تجاربهما في دحض نظرية الأثير. ففي عام 1887م أوضحت تجارب مايكلسن ومورلي أن حركة الأرض حول الشمس لا تؤثر على سرعة الضوء. وهذه النتيجة لا يمكن أن تفهم في نطاق نظرية الأثير إلا بافتراض أن الأثير قرب سطح الأرض يتحرك بنفس سرعة الأرض. غير أن هذا الافتراض يناقض نتائج تجارب أخرى كثيرة.
ألبرت أينشتاين اقترح النظرية النسبية الخاصة في عام 1905م. وغيرت هذه النظرية أفكارنا عن الزمان والمكان ووفرت الأساس لتحرير طاقة الذرة.
لم تُحسم مسألة التناقض هذه إلا في عام 1905م. ففي هذا العام حلّل أينشتاين عملية القياس ذاتها، ونتيجة لهذا التحليل تقدم بنظريته النسبية الخاصة. وتبدأ النظرية بفرضيتين، أي مبدأين أساسيين.
تنص الفرضية الأولى على أن قوانين الفيزياء تكون بشكل موحد عند كل المشاهدين الذين يتحركون حركة منتظمة بالنسبة لبعضهم. وتنص الفرضية الثانية على أن سرعة الضوء غير متغيرة، أي بقيمة واحدة، عند كل المشاهدين. ومن الاستنتاجات المأخوذة من هاتين الفرضيتين أن هناك علاقة بين الكتلة والطاقة. وقد عبر أينشتاين عن هذه العلاقة بمعادلته المشهورة ط = ك ث²، حيث ط ترمز للطاقة، ك للكتلة وث² لمربع سرعة الضوء.
حاول أينشتاين كذلك أن يستبدل بنظريات الجاذبية التقليدية صياغة أكثر دقة لقوانين الجاذبية. وفي عام 1915م أعلن عن نظريته النسبية العامة. تبدأ هذه النظرية بافتراض أن تأثير الجاذبية على الأجسام يمكن أن يستبدل تمامًا، عند كل نقطة، بتعجيل النظام الإحداثي تعجيلاً مناسبًا. ولم تعد الجاذبية خاصية للأجسام التي تتجاذب وإنما أصبحت إحدى خواص الفضاء الذي تتحرك فيه الأجسام. وتنبأت النظرية بأن مسار الأشعة الضوئية يتأثر بالأجسام ذات الكتلة التي يمر قريبًا منها. وقد تأكد هذا التنبؤ بالمشاهدة في عام 1919م. وتنبأت النظرية كذلك بوجود موجات تجاذبية تنتقل بسرعة الضوء. ولكن هذه الموجات لم يُكشف عنها تجريبيًا حتى الآن. انظر: الجاذبية.
الكشف عن أسرار الذرة . حفز اكتشاف أن للذرات تركيبًا داخليًا الفيزيائيين للنفاذ داخل هذه الوحدات الدقيقة للمادة. ففي إنجلترا طوّر إرنست رذرفورد أنموذجًا للذرة عام 1911م. وفي هذا الأنموذج، تستقر الشحنة الموجبة المكثفة في مركز كروي صغير يسمى النواة، وتدور الإلكترونات حول النواة. وقدم نيلز بور تعديلات على هذا الأنموذج عام 1913م. وفي ذلك العام تمكن أمريكي، هو روبرت ميليكان، من الحصول على قياس دقيق لشحنة الإلكترون. انظر: الذرة.
واستمر اكتشاف جسيمات تحت ذرية بعد هذا العمل المبكر. ففي عام 1932م أجرى الفيزيائي الإنجليزي جيمس تشادويك، تجارب دللت على أن النواة الذرية تتكون من نوعين من الجسيمات، البروتونات ذات الشحنة الموجبة والنيوترونات عديمة الشحنة. وفي عام 1935م اقترح الفيزيائي الياباني هيديكي يوكاوا، أن جسيمات أخرى، سماها الميزونات، موجودة في نواة الذرة. انظر: الميزون.
وفي عام 1938م اكتشف فيزيائيان ألمانيان، هما أوتو هان وفرتز ستراسمان، الانشطار النووي بشطر ذرات اليورانيوم. وسرعان ما استنتج الفيزيائيون أن عملية الانشطار النووي يمكن أن تحرِّر، وفق معادلة أينشتاين ط = ك س2، كميات هائلة من الطاقة. وفي عام 1942م، أثناء الحرب العالمية الثانية، تمكن الفيزيائي الإيطالي المولد إنريكو فيرمي مع معاونيه في جامعة شيكاغو من تحقيق أول تفاعل تسلسلي مُتحكَّم فيه للانشطار النووي. وفي عام 1945م، قرب نهاية الحرب، أنتج العلماء والمهندسون الأمريكيون أول قنابل تعتمد مقدراتها التفجيرية على الانشطار النووي. وأُسقطت قنبلتان ذريتان من هذا النوع على اليابان عام 1945م. انظر: الطاقة النووية؛ السلاح النووي.
ريتشارد فينمان أسهم في الأربعينيات من القرن العشرين في دراسة الدينامية الكهربائية الكمية، إذ وصف كيف تتفاعل الإلكترونات مع الإشعاع الكهرومغنطيسي. ثيودور ميمان، من الولايات المتحدة، صنع أول جهاز ليزر، ليزر البلورة، وشغّله لأول مرة عام 1960م. وجهاز الليزر يضخم الضوء ويوجهه في شكل حزمة قوية.
التطورات في منتصف القرن العشرين. بعد عام 1945م أصبحت صورة الذرة أكثر تعقيدًا، إذ استمر الفيزيائيون يكتشفون المزيد من الجسيمات تحت الذرية. ففي عام 1955م اكتشف الفيزيائيان الأمريكيان أوين تشامبرلين وإميليو سيجري جسيم البروتون المضاد، وهو بروتون بشحنة سالبة. وفي عام 1964م اقترح الفيزيائيان الأمريكيان موراي جل ـ مان وجورج زفايج وجود جسيمات الكوارك بوصفها جسيمات أساسية. وتتكون البروتونات والنيوترونات من تجمعات مختلفة من جسيمات الكوارك. ومن الأدلة القوية على وجود الكوارك اكتشاف جسيم إبساي وهو نوع من الجسيمات تحت الذرية يسمى أيضًا جسيم جيه، بوساطة الأمريكيين بيرتون ريختر وصمويل سي. سي. تنج. انظر: المادة المضادة؛ جسيم إبساي؛ الكوارك.
قادت الأبحاث في منتصف القرن العشرين إلى تطورات مهمة في التقنية أيضًا. ففي عام 1947م اخترع فيزيائيون أمريكيون الترانزستور. وأحدث هذا الجهاز الصغير ثورة في صناعة الإلكترونيات. وفي أوائل الستينيات من القرن العشرين أنتج الباحثون في الفيزياء الذرية والبصرية أجهزة تضخيم الضوء، المسماة أجهزة الليزر. وأصبحت هذه الأجهزة أدوات قيمة في مجالات مثل الاتصالات والصناعة وأبحاث الطاقة النووية. انظر: الليزر؛ الترانزستور.
صمويل سي. سي. تنج أعلاه ، وبيرتون ريختر ، من الولايات المتحدة، اكتشفا نوعًا جديدًا من الجسيمات الأولية ـ جسيم إبساي أو جيه ـ في عام 1974م.
كارلو روبيا استخدم جهاز تصادم البروتونات والبروتونات المضادة في المركز الأوروبي للأبحاث النووية، وكشف في عام 1983م عن وجود جسيمات +Z°, W- , W مؤكدًا بذلك تنبؤات العلماء الآخرين.
الفيزياء اليوم. مايزال مجال الفيزياء واحدًا من أهم مجالات العلوم وأكثرها نشاطًا. فقد أدت البحوث الجارية حتى الآن، في طبيعة المادة إلى اكتشافات مهمة. فعلى سبيل المثال اكتشف باحثون ألمان عام 1979م جُسَيْمًا أوليًا مهمًا، هو جسيم القلون أو اللاصق. والقلونات، نوع من البوزونات، وتحمل التفاعل القوي. والتفاعل القوي هو القوة النووية التي تربط مكونات نواة الذرة ببعضها. وفي عام 1983م اكتشف فريق أبحاث بقيادة كارلو روبيا من إيطاليا ثلاثة جسيمات أخرى من الجسيمات تحت الذرية، هي جسيمات .Z° , W- , W+ وكان الفيزيائيون النظريون قد تنبأوا بوجود هذه الجسيمات التي هي حَمَلة التفاعل الضعيف والذي يسمى أيضًا التفاعل الضعيف. والتفاعل الضعيف هو القوة المتحكمة في تحلل النويات الذرية، العملية الفعالة في الإشعاع الطبيعي.
ويعتقد الفيزيائيون باحتمال وجود وحدة أساسية بين ثلاث من القوى الطبيعية في الكون: التفاعل القوي والتفاعل الضعيف والتفاعل الكهرومغنطيسي الذي يربط الإلكترونات بالنواة. النظريات التي تحاول أن تؤسس هذه الوحدة بين القوى يشار إليها باسم النظريات الكبرى الموحدة. ويفحص الباحثون كذلك نظريات الجاذبية الفائقة التي تشمل، في الإطار الوحدوي، القوة الأساسية الرابعة، أي الجاذبية. ويشير مثل هذه النظريات إلى أن الفيزيائيين قد بدأوا مرة أخرى يعبِّرون عن الأمل في وجود عدد قليل من القوانين الأساسية يوحد كل معرفتنا عن الكيفية التي يعمل بها العالم. انظر: النظريات الكبرى الموحدة.
وتستمر الفيزياء كذلك في تقديم إسهامات مهمة للتقنية. على سبيل المثال، أدّى تقدم الإلكترونيات إلى تطوير أجهزة حاسوب في غاية التعقيد وروعة الأداء. وأدت أجهزة الليزر والألياف البصرية ـ شعيرات رفيعة من الزجاج أو البلاستيك تحمل الضوء ـ إلى تحسينات في نظم الاتصال والتقنية الطبية. انظر: البصريات الليفية.
وبدأ الفيزيائيون يطورون مواد شبه خزفية تستطيع أن تعمل موصلات كهربائية فائقة التوصيل عند درجات حرارة أعلى بكثير مما كان ممكنًا بالموصلات الفائقة السابقة. وقد يؤدي التقدم في مجال التوصيل الفائق، يومًا ما، إلى تطبيقات مثل مولدات القدرة الاقتصادية ذات الكفاءة، والقطارات السريعة التي تطفو فوق الحقول المغنطيسية ونظم التصوير الطبي المطورة.
انظر أيضًا: العلوم عند العرب والمسلمين.
أسئلة
ما الفرق بين عمل الفيزيائي النظري وعمل الفيزيائي التجريبي؟
ماذا برهن جاليليو في دراسته لحركة الأجسام الساقطة؟
متى حقق الفيزيائيون أول تفاعل تسلسلي للانشطار المتحكَّم فيه؟ ماذا كانت أهميته خلال الحرب العالمية الثانية؟
اذكر أمثلة لتطورات في الهندسة والتقنية متعلقة بمبادئ الفيزياء.
ما النظريات الكبرى الموحدة؟ ماذا يميز نظريات الجاذبية الفائقة عن النظريات الكبرى الموحدة؟
اذكر فرضيتيْ نظرية أينشتاين النسبية الخاصة.
ما التطورات التقنية المتقدمة التي نتجت عن أبحاث الفيزياء في منتصف القرن العشرين؟ كيف كانت هذه التطورات مهمة؟
كيف أسهم العلماء العرب في تطوير الفيزياء خلال القرون الوسطى؟
ما وحدات الكم؟ من أول من اقترح فكرة وحدة الكم؟
ما الذي برهنه مايكلسن ومورلي في تجربتهما التي أجرياها عام 1887م؟
ما الموضوعات الفيزيائية التي تناولها كتاب ابن الهيثم؟
ومصطلح الفيزياء مشتق من كلمة إغريقية معناها الأشياء الطبيعية. وقد طور فيزيائيو الحالة الصلبة الترانزستور وأجهزة شبه الموِّصلات الأخرى التي أسهمت في التطور الكبير لصناعة الإلكترونيات منذ الحرب العالمية الثانية. والمعرفة المتحصلة من دراسة الفيزياء مهمة في العلوم الأخرى، بما في ذلك الفلك وعلم الأحياء والكيمياء وعلم الأرض. كما أن هناك صلة وثيقة بين الفيزياء والتطورات العملية في الهندسة والطب والتقنية. على سبيل المثال، يصمم المهندسون السيارات والطائرات بناء على مبادئ معينة في الفيزياء. وقد مكَّنت قوانين ونظريات الفيزياء المهندسين والعلماء من وضع المركبات الفضائية في مساراتها ومن استقبال معلومات ترسلها أقمار الفضاء التي تجوب مناطق بعيدة من المجموعة الشمسية. وأدت بحوث الفيزياء إلى استخدام المواد المشعة في دراسة وتشخيص وعلاج أمراض معينة. وإضافة إلى ذلك فإن مبادئ الفيزياء وراء تصميم كثير من الأجهزة المنزلية من المكانس الكهربائية إلى مسجلات الفيديو.
ما يدرسه الفيزيائيون
مسح مسارات الجسيمات تحت الذرية.
تطوير طلاء واقٍ للفلزات.
يحاول الفيزيائيون أن يجيبوا عن أسئلة أساسية عن العالم: كيف تكَّون وكيف يتطور. ويُجري الفيزيائيون التجريبيُّون تجارب مخططًا لها بعناية ثم يقارنون نتائجهم بما كان متوقعًا حدوثه. مثل هذه التوقعات تأتي من قوانين ونظريات طوّرها الفيزيائيون النظريون. وهذه القوانين والنظريات يُعبَّر عنها غالبًا بلغة الرياضيات التي هي أداة أساسية في الفيزياء.
والموضوعات التي يدرسها الفيزيائيون تقع في مجموعتين كبيرتين: الفيزياء التقليدية والفيزياء الحديثة، والاختلاف بينهما، في الدرجة الأولى، هو في الاهتمام والتركيز. فالفيزياء التقليدية تُعنى بالأسئلة حول الحركة والطاقة، وأقسامها خمسة: 1- الميكانيكا (علم الحركة) 2- الحرارة 3- الصوت 4- الكهرباء والمغنطيسية 5- الضوء. أما الفيزياء الحديثة فتركز على دراسة التركيب الأساسي للعالم المادي، وتشمل حقولها الكبيرة: 1- الفيزياء الذرية والجزيئية والإلكترونية 2- الفيزياء النووية 3- فيزياء الجسيمات 4- فيزياء الطاقة الصلبة 5- فيزياء الموائع والبلازما.
--------------------------------------------------------------------------------
فروع الفيزياء الكبيرة
--------------------------------------------------------------------------------
البصريات : تدرس طبيعة وسلوك الضوء.
الجيوفيزياء : هي دراسة الأرض وجوها ومياهها بوساطة مبادئ الفيزياء.
الدينامية الحرارية : دراسة الحرارة وأشكال الطاقة الأخرى وتحولات الطاقة من شكل إلى آخر.
الدينامية الكهربائية : تحلل العلاقة بين القوى الكهربائية والمغنطيسية.
علم الصوتيات : يدرس إنتاج وخواص الصوت.
فيزياء البلازما : تهتم بدراسة الغازات المؤيَّنة. بدرجة عالية - أي الغازات التي انفصلت إلى جسيمات موجبة أو سالبة الشحنة.
الفيزياء الجزيئية : تدرس تركيب وخصائص وسلوك الجزيئات.
فيزياء الجسيمات أو فيزياء الطاقة العالية : تحلل سلوك وخواص الجسيمات الأولية.
فيزياء الحالة الصلبة : وتسمى أيضًا فيزياء المادة المكثفة أيضًا تتناول الخصائص الفيزيائية للمواد الصلبة.
فيزياء الحرارة المنخفضة : تدرس الحرارة المنخفضة جدًا.
الفيزياء الحيوية : تطبق أدوات ووسائل الفيزياء لدراسة الأحياء والعمليات الحيوية.
الفيزياء الذرية : تدرس تركيب وخصائص وسلوك الذرة.
الفيزياء الرياضية : هي دراسة النظم الرياضية التي تمثل الظواهر الطبيعية.
فيزياء الصحة : تتعلق بحماية الذين يعملون في مجال الإشعاع أو قريبًا من الإشعاع.
فيزياء الكَم : تشمل مجالات عديدة تُبنى فيها الدراسة على النظرية الكمية، التي تعنى بالماء والإشعاع الكهرومغنطيسي وتفاعلاتهما.
فيزياء الموائع : تُعنى بسلوك وحركة السوائل والغازات.
الفيزياء النووية : تُعنى بتركيب وخصائص النواة الذرية وبالتفاعلات النووية وتطبيقاتها.
الميكانيكا : تُعنى بسلوك الأجسام والنظم الفيزيائية عند استجابتها للقوى المختلفة.
الميكانيكا تُعنى بدراسة الأجسام في حالتي السكون والحركة. فهي تدرس، على سبيل المثال، كيف تعمل القوة على جسم لتنتج تسارعًا. وميكانيكا الأجسام المتحركة تسمى الديناميكا، وميكانيكا الأجسام الساكنة تسمى الإستاتيكا أو علم السكون. وهناك فرع من الميكانيكا اسمه ميكانيكا الموائع، يُعنى بسلوك السوائل والغازات. وتُستخدم مبادئ الميكانيكا لوصف أنواع من الحركة، مثل مدارات الكواكب ومسارات أجسام متحركة أخرى. كما أن هذه المبادئ مهمة لمصممي الجسور والمنشآت الأخرى، ولمهندسي الطرق ولصانعي الحاويات والأنواع المختلفة من المركبات. انظر: الإستاتيكا.
الحرارة. دراسة الحرارة تسمى الدينامية الحرارية، وتتعلق ببحث كيفية إنتاج الحرارة وانتقالها من موقع إلى آخر وتأثيرها على المادة وكيفية تخزينها. ويمكن تحويل الطاقة الحرارية إلى أنواع أخرى من الطاقة وبالعكس. فعند احتراق الفحم الحجري على سبيل المثال، يتحول جزء من الطاقة الكيميائية التي تربط بين جزيئاته إلى حرارة. وتشمل الدينامية الحرارية أيضًا علم التقريس الذي يدرس المواد عند درجات منخفضة جدًا من الحرارة. ومبادئ الدينامية الحرارية ضرورية لفهم كل أنواع الآلات الحرارية، التي تشمل آلات الديزل والبنزين والبخار كما تشمل آلات أجهزة التبريد. انظر: الحرارة؛ الدينامية الحرارية.
الصوت. دراسة الصوت تسمى الصوتيات. ويتكون الصوت من الاهتزازات التي ينتجها جسم وتنتقل خلال وسط، مثل الهواء أو الماء أو جدران المباني. وفهم الصوت مهم لتصميم القاعات الكبيرة ومعينات السمع ومسجلات الأشرطة وأجهزة الفونوغراف ومكبِّرات الصوت. وتشمل دراسة الصوت كذلك الموجات فوق الصوتية التي تختص بالاهتزازات التي تكون تردداتها أعلى من مدى السمع البشري. انظر: الصوتيات، علم؛ الصوت.
الكهرباء والمغنطيسية تتصلان اتصالاً وثيقًا حتى إن العلماء كثيرًا ما يشيرون إليهما معًا بمصطلح الكهرومغنطيسية. فحركة الشحنات الكهربائية يمكن أن تُحدث تأثيرات مغنطيسية، والقوى المغنطيسية يمكن أن تُحدث تأثيرات كهربائية. ومعرفة هذه العلاقة أدت إلى تطوير مولدات كهربائية ضخمة وتطوير الأجهزة الإلكترونية مثل المذياع والتلفاز والحاسوب. انظر: الكهرباء؛ الكهرومغنطيسية؛ الإلكترونيات؛ المغنطيس والمغنطيسية.
الكهرباء والمغنطيسية تتصلان اتصالاً وثيقًا حتى إن العلماء كثيرًا ما يشيرون إليهما معًا بمصطلح الكهرومغنطيسية. فحركة الشحنات الكهربائية يمكن أن تُحدث تأثيرات مغنطيسية، والقوى المغنطيسية يمكن أن تُحدث تأثيرات كهربائية. ومعرفة هذه العلاقة أدت إلى تطوير مولدات كهربائية ضخمة وتطوير الأجهزة الإلكترونية مثل المذياع والتلفاز والحاسوب. انظر: الكهرباء؛ الكهرومغنطيسية؛ الإلكترونيات؛ المغنطيس والمغنطيسية.
الضوء. دراسة الضوء تسمى البصريات، ولها فرعان كبيران:البصريات الفيزيائية والبصريات الهندسية. يدرس الفيزيائيون في البصريات الفيزيائية طبيعة الضوء والعمليات الفيزيائية التي تتسبب في انطلاقه من الأجسام وانتقاله من مكان إلى آخر. أما البصريات الهندسية فهي دراسة كيفية انتقال الضوء وتأثير المواد المختلفة في اتجاه انتقاله. مثل هذه الدراسة مهمة لفهم تطبيقات مثل العدسات والمرايا التي تستخدم في المناظير الفلكية والمجاهر والنظارات. انظر: الضوء؛ البصريات، علم.
الفيزياء الذرية والجزيئية وفيزياء الإلكترون تُعنى بمحاولات فهم التركيب الذري والجزيئي وحركة الإلكترونات وخواصها. وتركزِّ هذه الدراسات بصفة خاصة، على سلوك وترتيب وحركة وطاقة الإلكترونات التي تدور حول النوى الذرية. وقد كشفت البحوث في الفيزياء الذرية والجزيئية وفيزياء الإلكترون عن الكثير فيما يخص تركيب المادة. على سبيل المثال، تأكد للعلماء أن المواد يختلف بعضها عن الآخر في ترتيب الذرات في الجزيئات. وبسبب هذا الاختلاف نجد أن الطريقة التي تمتص بها المادة الطاقة الكهرومغنطيسية وتبثها مختلفة في كل مادة عن الأخرى. ونتيجة لهذا يتمكن العلماء من تمييز المادة بناء على النشاط الكهرومغنطيسي وحده. ولهذه الطريقة في تمييز المواد تطبيقات مهمة في الطب وفي الحالات المعينة التي تنشأ في الصناعة عندما تكون كميات المادة المعنية قليلة جدًا. انظر: الذرة؛ الإلكترون؛ الجزيء.
الفيزياء النووية تُعنى بدراسة تركيب وخصائص النواة الذرية، وتركز بصفة خاصة على النشاط الإشعاعي والانشطار والاندماج. والنشاط الإشعاعي هو العملية التي بموجبها تطلق بعض النوى تلقائيًا جسيمات عالية الطاقة أو أشعة. وتُستخدم المواد المشعة لعلاج السرطان ولتشخيص الأمراض ولمتابعة العمليات الكيميائية والفيزيائية. والانشطار هو عملية انقسام النواة الذرية إلى جزءين متساويين تقريبًا مع إطلاق قدر هائل من الطاقة. ومن الانشطار تأتي طاقة القنابل الذرية والمفاعلات النووية. أما الاندماج فهو عملية التحام نواتي ذرتين لتكونا نواة عنصر أثقل، ويحدث بالدرجة الأولى في حالة الهيدروجين والعناصر الخفيفة الأخرى. وتنتج عملية الاندماج، التي تطلق طاقة أكبر من طاقة الانشطار، طاقة القنبلة الهيدروجينية. انظر: الفيزياء النووية.
فيزياء الجسيمات. اكتشف الفيزيائيون أن البروتونات والنيوترونات داخل النواة الذرية تتكون من جسيمات أولية أدق. ويُجري فيزيائيو الجسيمات الأبحاث باستخدام أجهزة تسمى معجِّلات الجسيمات. وتستطيع هذه الأجهزة أن تدفع بالجسيمات تحت الذرية إلى سرعات عالية جدًا. وعندما تبلغ سرعات هذه الجسيمات قيمًا قريبة جدًا من سرعة الضوء، يُسْمح لها بالتصادم مع المادة. ويدرس الفيزيائيون الشظايا التي تنتج من التصادمات ويقيسون طاقاتها. وبهذه الكيفية يأملون أن يفهموا كيف تترابط الجسيمات الأولية لتكون البروتونات والنيوترونات والجسيمات تحت الذرية الأخرى. انظر: معجل الجسيمات؛ فيزياء الجسيمات.
فيزياء الحالة الصلبة. وتسمى أيضًا فيزياء المادة المكثَّفة. يمكن تصنيف المواد الصلبة وفق الكيفية التي تتفاعل بها الإلكترونات والنوى في الذرات المختلفة. ويهتم الفيزيائيون الذين يدرسون المواد الصلبة بتأثر خصائص هذه المواد بعوامل مثل الحرارة والضغط. فبعض المواد الصلبة مثلاً، تفقد كل المقاومة الكهربائية عند الدرجات المنخفضة جدًا، مما يجعلها تتحول إلى موصّلات فائقة. وأبحاث التركيب الإلكتروني للمواد الصلبة ذات أهمية خاصة في فهم سلوك أشباه الموصّلات التي هي أساس الأجهزة الإلكترونية الحديثة. انظر: شبه الموصل؛ فيزياء الأجسام الصلبة؛ التوصيل الفائق.
فيزياء الموائع والبلازما. فيزياء الموائع الحديثة مبنية على مبادئ ميكانيكا الموائع التقليدية. ويعتبر فهم سلوك وحركة الموائع أمرًا مهمًا لتصميم وصناعة السيارات والسفن والطائرات والصواريخ، كما هو مهم لدراسة الأحوال الجوية. أما فيزياء البلازما فتُعنى بدراسة الغازات التي تسمى البلازما. فعندما تزيد طاقة الغاز على قدر معين يصبح الغاز مؤيّنًا، أي مكوَّنًا من جسيمات مشحونة كهربائيًا، لانفصال الجسيمات سالبة الشحنة عن الجسيمات موجبة الشحنة. ويسمى هذا الغاز البلازما، ويستخدم في أضواء النيون وفي المصابيح الفلورية. ويدرس الفيزيائيون كيف يمكن التحكم في البلازما من أجل استخدامها لإنتاج طاقة الاندماج لتوليد الكهرباء. انظر: السوائل، علم؛ الميكانيكا؛ البلازما.
نبذة تاريخية
ارتبطت الفيزياء عبر القرون ارتباطًا وثيقًا بالتطورات التقنية وبالتقدم في الرياضيات والفلك والعلوم الأخرى. وسُجِّل استخدام كلمة الفيزياء بمعناها الحالي في القرن الثامن عشر الميلادي.
--------------------------------------------------------------------------------
تواريخ مهمة في الفيزياء
--------------------------------------------------------------------------------
القرن الرابع قبل الميلاد قدم أرسطو نظريات في مجالات عديدة من الفيزياء.
القرن الثالث قبل الميلاد اكتشف أرخميدس قانون العتلة وقوانين تتعلق بسلوك السوائل.
القرن الثاني الميلادي تصور بطليموس أن الأرض ساكنة تدور حولها النجوم والكواكب والشمس والقمر.
1017م اخترع البيروني أول جهاز لقياس كثافة المواد.
1020م وضع العالم العربي ابن الهيثم أساس علم البصريات في عدة كتب فيزيائية مهمة مثل كتاب المناظر الذي درس فيه الضوء وانكساراته وطبيعة الإبصار وتشريح العين.
1135م أجرى الخازن أولى التجارب لإيجاد العلاقة بين وزن الهواء وكثافته.
نحو 1270م أجرى روجر بيكون دراسات في البصريات.
1543م نشر نيكولاس كوبرنيكوس نظريته بأن الأرض والكواكب تتحرك في مدارات دائرية حول الشمس.
نحو 1600م اكتشف جاليليو قوانين مهمة في حقول فيزيائية كثيرة، بصفة خاصة في الميكانيكا.
1687م نشر نيوتن قوانينه للحركة.
1690م نشر كريستيان هايجنز نظرية مَوجيِّة الضوء.
1798م ذكر بنيامين طومسون وكاونت رمفورد أن حركة الجسيمات خلال مادة تنتج حرارة.
1801م - 1803م أحيا توماس يونج النظرية الموجية للضوء.
1803م أعلن جون دالتون لأول مرة نظريته الذرية عن تركيب المادة.
أوائل الثلاثينيات من القرن التاسع عشر الميلادي . أنتج مايكل فارادي وجوزيف هنري كل على حده الكهرباء من المغنطيسية.
1847م اكتشف جيمس جول أن الحرارة والطاقة يمكن أن يتحول كل منهما للآخر بمعدل ثابت.
1864م نشر جيمس كلارك ماكسويل نظريته الكهرومغنطيسية للضوء.
1887م أثبتت تجربة مايكلسون ومورلي عدم وجود الأثير.
1895م اكتشف ويلهلم ك. رونتجن الأشعة السينية.
1896م اكتشف أنطوان هنري بكويريل الإشعاع الطبيعي.
1898م استخلصت ماري كوري وزوجها بيير عنصر الراديوم المشع.
1900م نشر ماكس بلانك نظريته الكمية.
1905م نشر أينشتاين نظريته النسبية الخاصة.
1911-1913م اقترح إرنست رذرفورد ونيلز بور نماذج على شكل نظام كوكبي للذرة.
1915م أعلن أينشتاين نظريته النسبية العامة.
1924م قدم لوي دي بروغلي النظرية الموجية للإلكترون.
1925م - 1926م طوّر كل من إيرفين شرودينجر وفرنر هيسينبرج، كل على حده، نظمًا لتنسيق الفيزياء الكمية.
1930م تنبأ بول ديراك بوجود البوزيترون وهو إلكترون موجب الشحنة.
1932م أنشأ السيرجون كوكروفت وأرنست والتن أول مُعجِّل جُسيمات.
1938م تمكن أوتو هان وفرتز ستراسمان من شطر ذرة اليورانيوم.
1942م حقق إنريكو فيرمي وزملاؤه أول تفاعل نووي متحكَّم فيه.
1947م اخترع جون باردين ووالتر. براتين وويليام شوكلي الترانزستور.
1960م صنع ثيودور ميمان أول ليزر.
1964م اقترح موري جل ـ مان وجورج زفايج وجود جسيمات الكوارك جسيمات أساسية.
1974م اكتشف بيرتون ريختر وصمويل. سي. سي. تنج نوعًا من الجسيمات تحت الذرية سمِّي بجسيم إبساي أو جسيم جي.
1983م اكتشف باحثون تحت قيادة كارلو روبيا ثلاثة جسيمات تحت ذرية، هي جسيمات W+و W- وZ° .
بدايات الفيزياء ترجع إلى عصور ما قبل التاريخ. فقد دلت المنشآت الحجرية التي بناها إنسان ما قبل التاريخ على بعض المعرفة بالميكانيكا. ومثل هذه المعرفة ضرورية لنقل الحجارة ولوضع بعضها فوق بعض. وإضافة إلى ذلك، هناك ما يدل على أن إنسان ما قبل التاريخ، قد استخدم هذه المنشآت الحجرية لتوضيح الأوقات المهمة في الدورة الموسمية للشمس والقمر.
وكان السومريون والبابليون والمصريون أول الشعوب التي خلّفت سجلات مكتوبة لاكتشافاتها. فبحلول عام 3000ق.م تقريبًا، كان السومريون قد طوروا نظامًا للأعداد واستخدموا الصيغ الجبرية لمتابعة وتوقع حركات النجوم والشمس والقمر والكواكب. وحدثت تطورات مماثلة في مصر وبابل. وطور المصريون كذلك الآليات الهندسية العملية لاستخدامها في البناء ومسح الأراضي.
أرخميدس، المخترع الإغريقي، اكتشف عددًا من المباديء الأساسية في الفيزياء خلال القرن الثالث قبل الميلاد، كما طور عددًا من أساليب القياس.
الإغريق كانوا أول شعب يطور نظم نظرية عامة للرياضيات والعلوم الطبيعية. فقد طوَّروا، نحو عام 600ق.م، فهمًا عامًا لمبادئ الهندسة، ورتب الرياضي الإغريقي إقليدس هذه المبادئ في نظام موحد نحو 300ق.م.
وكان الإغريق مراقبين حريصين وجادين للعالم الطبيعي. ففي القرن الرابع قبل الميلاد قدم الفيلسوف أرسطو براهين، مؤسسة على الدليل الفيزيائي، لكروية الأرض. وفي القرن الثالث قبل الميلاد تمكن الفلكي إيراتوسثينيز من حساب محيط الأرض، كما قدر الفلكي أريستاركوس المسافات النسبية للقمر والشمس. وفي القرن الثالث قبل الميلاد اكتشف المخترع والرياضي أرخميدس عددًا من المبادئ العلمية الأساسية وطوّر عددًا من طرائق القياس.
وفي القرن الثاني قبل الميلاد قدم بطليموس، وهو فلكي من مصر، أنموذجًا للتنبؤ بمواقع الشمس والقمر والنجوم والكواكب. وكان بطليموس يعتقد أن الأرض مركز الكون، شأنه في ذلك شأن أرسطو وفلاسفة الإغريق الآخرين. وقد ظل نظام بطليموس يُستخدم للتنبؤ بحركة الأجرام السماوية لما يقرب من 1,500 عام.
العرب والمسلمون. بدأ اهتمام العرب بالفيزياء منذ منتصف القرن الثالث الهجري التاسع الميلادي. وكانوا قد أخذوا مبادئ هذا العلم عن اليونان، وخرجوا بهذه المبادئ من المجال الفلسفي النظري الذي عرف به اليونان إلى مجال التجربة والاستقراء. فألفوا فصولاً متخصصة في علم السوائل وكيفية حساب الوزن النوعي، وكتبوا في الأنابيب الشعرية وتعليل ارتفاع المواقع وانخفاضها مما قادهم إلى البحث في التوتر السطحي.
وأسهم العرب كثيرًا في علوم الضوء والبصريات، وكانت أعمال الحسن بن الهيثم المرجع المعتمد لدى أهل أوروبا حتى وقت متأخر، وإليه يعزى أول بحث عن أقسام العين وكيفية الإبصار وانكسار الضوء وانعطافه. وكانت أعمال العلماء العرب هي التي جعلت هذا العلم يستقل عن الرياضيات والهندسة لأول مرة.
تناولت أبحاث الفيزيائيين العرب الميكانيكا (علم الحيل) وألفوا في ذلك مصنفات كثيرة، وطبقوا نتائج أبحاثهم في فنونهم الصناعية كصناعة الساعات المائية والرملية والشمسية والأواني، والآلات الرافعة، والموازين الدقيقة. كما طبقوا مبادئ علم الفيزياء في الأصوات على الموسيقى. كما كانت أبحاث الفيزيائيين العرب والمسلمين المتناثرة في الجاذبية اللبنة الأولى لعلم الجاذبية التي بنى عليها كل من نيكولاس كوبرنيكوس ويوهانز كيبلر نظرياتهما كما اعترفا بذلك. كما استفاد من ذلك أيضًا كل من جاليليو جاليلي وإسحق نيوتن في وضع القوانين القائمة على أسس رياضية لتحديد قوة الجاذبية. انظر: العلوم عند العرب والمسلمين (الفيزياء).
ومع ازدياد حجم التجارة بين الحضارات العربية في الشرق والحضارات النصرانية في الغرب خلال القرن الحادي عشر الميلادي، وبفضل الفتوحات الإسلامية، انتقلت المؤلفات الإغريقية والعربية إلى الغرب. وفي البداية رفضت الكنيسة علم أرسطو والإغريق الآخرين. ولكن، في القرن الثالث عشر، تمكن سان ألبرت ماجنس المعروف باسم القديس ألبرت الكبير والقديس توما الإكويني، وآخرون من علماء النصارى، من التوفيق بين العلم الطبيعي ومبادئ الكنيسة. كما ازداد الاهتمام بالمشاهدات العلمية والتجارب خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين وعكف كثير من علماء الغرب على دراسة ما أنجزه العلماء العرب في الفيزياء إضافة إلى ما وضعه الإغريق. وبدأت تظهر كتابات عديدة منها كتابات العالمين الإنجليزيين روبرت جروسيتست وروجر بيكون التي قدمت طرقًا فعالة للبحث العلمي.
وكانت الاختراعات العملية في الزراعة والحقول الأخرى أيضًا من عوامل ازدهار البحث العلمي في أوروبا خلال القرنين الأخيرين من العصور الوسطى. وفي الصين، وأقطار آسيوية أخرى، انتعش النشاط العلمي والاختراع خلال هذه الفترة.
عصر النهضة هو الاسم الذي أُطلق على فترة التاريخ الأوروبي خلال الفترة من بداية القرن الرابع عشر الميلادي حتى نحو عام 1600م. اتسمت هذه الفترة بالإثارة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية التي أنتجت مداخل جديدة وكثيرة في كل من الآداب والعلوم.
في القرن الرابع عشر الميلادي، بحث علماء في جامعتي أكسفورد وباريس من أمثال ريتشارد سواينهيد ونيكول أوريسم مسألة وصف الحركة. وفي القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميلاديين أجرى الرسام والمخترع الإيطالي المشهور ليوناردو دافينشي دراسات على الحركة وعلم السوائل.
النظام الكوني الذي اقترحه الفلكي البولندي نيكولاس كوبرنيكوس عام 1543م وضع الشمس ، وليس الأرض، في المركز.
جاليليو، في إيطاليا، اكتشف قانون الأجسام الساقطة وقانون البندول. وفي عام 1609م بدأ في إنشاء التلسكوبات الفلكية لرصد الأجرام السماوية.
وفي عام 1543م نشر الفلكي البولندي نيكولاس كوبرنيكوس نظامًا ثوريًا للكون وضع فيه الشمس، بدلاً من الأرض، في المركز. وقدم كوبرنيكوس فكرة أن الأرض كوكب من الكواكب التي تدور حول الشمس. ولم يقبل أحد، تقريبًا، هذه النظرة في ذلك الوقت. وشعر قادة الكاثوليك والبروتستانت، على حد سواء، أن هذا النظام يتعارض مع معتقداتهم الدينية. كما كانت هنالك اعتراضات علمية جادة على النظام المقترح. وكان قبول النظام الكوبرنيكي يتطلب إعادة النظر في قاعدة العلم الطبيعي بأكملها. وهذا ما حدث في الواقع خلال القرن ونصف القرن التاليين، من خلال عمل شخصيات بارزة مثل جاليليو ويوهانز كيبلر ورينيه ديكارت بصفة خاصة.
وأنشأ الفلكي والفيزيائي الإيطالي جاليليو، مبتدئًا في عام 1609م، عددًا من المناظير الفلكية لمشاهدة السماء. ورغم أن مشاهدات جاليليو الفلكية لم تبرهن على صحة النظام الكوبرنيكي، إلا أنها أثارت الشكوك حول النظرة التقليدية. كما أن جاليليو صقل فكرة التجربة المعملية في دراسته لحركة الأجسام الساقطة. وبرهن على أن فرضية سقوط كل الأجسام بمعدل ثابت واحد، في غياب التأثيرات الخارجية، تُكسب المرء فهمًا لكيفية سقوط الأجسام نحو الأرض.
وفي أوائل القرن السابع عشر الميلادي، استخدم الفلكي والرياضي الألماني يوهانز كيبلر مشاهدات الآخرين، فأنشأ أنموذجًا جديدًا مضبوطًا للمجموعة الشمسية. وفي منتصف القرن السابع عشر الميلادي تحدى الفيلسوف والرياضي الفرنسي رينيه ديكارت الافتراض الذي كان سائدًا منذ أمد طويل، بأن غياب الحركة هو الحالة الطبيعية للأجسام. وبدلاً من ذلك، قدم فكرة أن للأجسام قصورًا ذاتيًا، أي أنها تحافظ على حالتها الحركية إلا إذا أثر عليها مؤثر خارجي.
وتعكس أعمال جاليليو وكيبلر وديكارت تغيرًا في النظرة التي كانت سائدة في أوروبا وتهز بعض المبادئ والقواعد التي استقرت ردحًا من الزمن. وبدأ الناس يعتقدون أن العالم الفيزيائي محكوم بقوانين طبيعية وأن اكتشاف هذه القوانين ممكن. وبدأ يتضح أن الطريق المؤدي لاكتشاف القوانين يبدأ بالتجارب الدقيقة التي تُجرى، إن أمكن، تحت ظروف مختبرية متحكَّم فيها.
السير إسحق نيوتن من إنجلترا، صاغ قوانين الحركة والجاذبية في أواخر القرن السابع عشر الميلادي ،كما أنه أوضح بالتجربة أن الضوء الأبيض يتكون من كل الألوان.
نيوتن. بحلول القرن السابع عشر الميلادي أصبح النشاط العلمي مزدهرًا. وعلى قمة هذا النشاط المتزايد كان نشر كتاب المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية، في عام 1687م، الذي كتبه العالم الإنجليزي الفذ إسحق نيوتن. وفي هذا العمل، أوضح نيوتن كيف أن كلاً من حركات الأجرام السماوية وحركات الأجسام على سطح الأرض أو بالقرب منها يمكن أن تفسَّر بأربعة قوانين بسيطة. وهذه القوانين هي قوانين نيوتن الثلاثة للحركة وقانونه للجاذبية الكونية.
ولخصت قوانين نيوتن للحركة عمل جاليليو وديكارت ووسعتهما. وفسر قانونه للجاذبية الكونية كلاً من قانون جاليليو للأجسام الساقطة وقوانين كيبلر لحركة الكواكب. اخترع نيوتن نوعًا جديدًا من الرياضيات، يسمى حساب التفاضل والتكامل استخدمه لإجراء بعض أبحاثه وحساباته، كما اخترعه بصفة مستقلة في ذات الوقت عالم رياضي آخر هو غوتفريت فلهلم لايبنيز من ألمانيا. انظر: حساب التفاضل والتكامل.
وإضافة إلى اكتشافاته النظرية صنع نيوتن أول تلسكوب فلكي عاكس. كما استخدم المنشور لإجراء تجارب رائعة على الضوء، قادته إلى فكرة أن الضوء الأبيض خليط من كل الألوان. وفي عام 1704م نشر نظرية جسيمية عن الضوء. وقد نافست هذه النظرية نظرية أخرى عن الضوء كان قد تقدم بها الفيزيائي الهولندي كريستيان هايجنز عام 1678م، ولم تنشر إلا عام 1690م. تقول نظرية هايجنز إن الضوء ينتقل على شكل موجات وليس جسيمات. غير أن أغلب العلماء، خلال القرن الثامن عشر، قبلوا نظرية نيوتن الجسيمية.
التطورات في القرن التاسع عشر الميلادي. قادت الثورة الصناعية، التي بدأت في بريطانيا في القرن الثامن عشر الميلادي، إلى إنتاج أجهزة علمية بالغة الدقة، في عصرها، مكنت العلماء من إجراء تجارب أكثر تعقيدًا. ومع جنوح البحث العلمي نحو المزيد من التعقيد، أخذ الناس يتخصصون في مجالات دراسية أضيق. وكانت هناك ثلاثة مجالات ذات أهمية خاصة في القرن التاسع عشر الميلادي هي: الحرارة والطاقة، والضوء، والكهرباء والمغنطيسية.
التطورات في دراسة الحرارة والطاقة. في بداية القرن التاسع عشر الميلادي كان الاعتقاد الشائع أن الحرارة نوع من سائل اسمه السائل السعري، لكن بحلول منتصف القرن أصبح العلماء يعتبرون الحرارة شكلاً من أشكال الطاقة، أي أدركوا أن الحرارة تؤدي عملاً. وفي الأربعينيات من القرن التاسع عشر أوضح الفيزيائي الإنجليزي جيمس جول كيفية حساب مقدار الطاقة الذي يمكن أن ينتجه قدر محدد من الحرارة. وفي ذات الوقت تقريبًا اقترح عدد من الفيزيائيين، باستقلال بعضهم عن بعض، قانون بقاء الطاقة. ومن بين هؤلاء اللورد كلفين من بريطانيا وهيرمان فون هيلمولتز من ألمانيا. وينص هذا القانون على أن الطاقة لا تنقص ولا تزيد وإنما تتحول فقط من نوع إلى آخر. انظر: الطاقة.
وبحلول منتصف القرن التاسع عشر الميلادي أصبح مفهومًا أن الطاقة الحرارية ناتجة عن التحركات الميكانيكية للذرات التي تتكون منها كل الأجسام. وقد بني هذا التفسير على النظرية الذرية التي قدمها الكيميائي الإنجليزي جون دالتون في عام 1803م.
تطورات دراسة الضوء. بين عامي 1800م و1803م نشر الفيزيائي الإنجليزي توماس يونج سلسلة من الأوراق العلمية، بُنيت على تجاربه، أحيت النظرية الموجية للضوء. وبين نحو 1815م و1819م قدم الفيزيائي الفرنسي أوغستين فرسنل مزيدًا من الأدلة على ذلك. وبحلول عام 1850م كانت النظرية الموجية للضوء مقبولة من الجميع تقريبًا، وحلت محل نظرية نيوتن الجسيمية.
قادت النظرية الموجية للضوء الفيزيائيين لاقتراح وجود مادة تسمى الأثير. فقد احتجوا بأنه مادام الضوء ينتقل في موجات، ويمكنه أن ينتقل عبر الفراغ. فلابد من وجود مادة تحمل الموجات، هي مادة الأثير، التي تملأ كل المكان بما في ذلك الفراغ. وفسروا طاقة الضوء على أنها اهتزاز الأثير، على شكل موجات. انظر:الأثير.
تطور دراسة الكهرباء والمغنطيسية. في عام 1800م أعلن كاونت إليساندرو فولتا اختراعه أول بطارية كهربائية. وفتح هذا الاختراع الطريق أمام طرق جديدة لدراسة الظواهر الكهربائية. وفي نحو عام 1820م وجد الفيزيائيان أندريه ماري أمبير من فرنسا وهانز كريستيان أورستيد من الدنمارك أن بين الكهرباء والمغنطيسية صلة. وفي أوائل الثلاثينيات من القرن التاسع عشر أوضح الفيزيائي الإنجليزي مايكل فارادي والفيزيائي الأمريكي جوزيف هنري، كل منهما على حدة، كيفية إنتاج الكهرباء من حقل مغنطيسي متغير. وبينت تجاربهما أن الطاقة الميكانيكية يمكن أن تتحول إلى طاقة كهربائية وأدت إلى المبادئ التي بُني عليها المولد والمحرك.
وفي الستينيات من القرن التاسع عشر طوّر الفيزيائي والرياضي الأسكتلندي جيمس كلارك ماكسويل نظرية فسرت الضوء المرئي على أنه حركة الموجات الكهرومغنطيسية. وقال ماكسويل بإمكانية وجود موجات كهرومغنطيسية مماثلة غير مرئية. وفي أواخر الثمانينيات من القرن التاسع عشر الميلادي اكتشف الفيزيائي الألماني هينريتش هرتز تجريبيًا هذه الموجات الراديوية غير المرئية. وقاد اكتشاف هرتز هذا، في نهاية الأمر، إلى تطوير أجهزة المذياع والرادار والتلفاز كما أفاد في إدراك الصلة بين الضوء والكهرباء والمغنطيسية، إذ أصبحت النظرة أنها جميعًا ناتجة عن موجات في الأثير. ومثل هذه الموجات يشار إليها أحيانًا بلفظ الإشعاع الكهرومغنطيسي.
ويلهلم رونتجن من ألمانيا، اكتشف الأشعة السينية في عام 1895م. وساعد استخدام الأشعة السينية الأطباء في تشخيص الأمراض والجروح وأحدث ثورة في الطب.
ماري كوري من فرنسا، خطت بدراسة الإشعاع الطبيعي خطوات كثيرة إلى الأمام. ففي عام 1898م تمكنت وزوجها بيير من استخلاص عنصر الراديوم المشع.
بداية الفيزياء الحديثة. قرب نهاية القرن التاسع عشر اقتنع عدد كبير من الفيزيائيين بأن مهمة الفيزياء قد شارفت نهايتها. واعتقد بعضهم أن كل قوانين الفيزياء سيُعبَّر عنها، يومًا ما، بمعادلات قليلة بسيطة.
غير أن عددًا قليلاً من القضايا كان لايزال ينتظر الحل. وإحدى هذه القضايا مسألة تحديد مصدر الإشعاع الكهرومغنطيسي. وكان العلماء يدركون أن كل عنصر كيميائي يشع ـ تحت الظروف المناسبة ـ خليطًا فريدًا من الضوء المرئي، والضوء تحت الأحمر والضوء فوق البنفسجي، يسمى الأطياف الخطية. وكانت الذرة، آنذاك، تعتبر الوحدة الأساسية للمادة في الكون. لكن ظاهرة الأطياف الخطية دعت بعض الفيزيائيين للتفكير في أن الذرة نفسها قد تكون مكونة من وحدات أولية أدق.
وظل حلم تفسير كل الظواهر الفيزيائية بمجموعة صغيرة من القوانين الأساسية دون تحقق. وبدلاً من ذلك، بدأت اكتشافات عديدة تُظْهِر أن مثل هذه الظواهر أكثر تعقيدًا مما كان العلماء يظنون. فعلى سبيل المثال اكتشف ويلهلم رونتجن، من ألمانيا، الأشعة السينية عام 1895م. وفي عام 1896م اكتشف الفيزيائي الفرنسي أنطوان هنري بكويريل الإشعاع الطبيعي، الانطلاق التلقائي للإشعاع من الذرات.
وفي عام 1897م اكتشف الفيزيائي البريطاني جوزيف. تومسون أول جسيم تحت ذري، سمِّي فيما بعد بالإلكترون. وفي عام 1898م استخلص الفيزيائيان الفرنسيان ماري كوري وزوجها بيير عنصر الراديوم المشع. وكانت هذه التطورات مؤشرًا إلى أن مهمة الفيزياء قد بدأت لتوها وليست على وشك النهاية كما ظُنَّ من قبل.
نظرية الكم. حدثت في أوائل القرن العشرين تطورات ثورية في الفيزياء. فقدبدأ العلماء يبحثون عن التناقضات في الفيزياء التقليدية واكتشفوا تفسيرات جديدة للظواهر المشاهدة.
وفي عام 1900م نشر الفيزيائي الألماني ماكس بلانك نظريته الكَميِّة عن نقل الطاقة ليفسر طيف الضوء الذي تطلقه أجسام ساخنة معينة. وتنص النظرية على أن الطاقة لا تُطلق باستمرار لكن في شكل وحدات مفردة تسمى الوحدة منها كمًا. في عام 1905م اقترح أينشتاين، الفيزيائي الأمريكي الألماني المولد، جسيمًا جديدًا ـ سميّ فيما بعد الفوتون ـ حاملاً للطاقة الكهرومغنطيسية؛ وقال إن الضوء رغم طبيعته الموجية، لابد أن يكون مكونًا من جسيمات الطاقة هذه.
نيلز بور أوضح عام 1913م أن الإلكترونات التي تدور حول النواة الذرية تطلق أو تمتص كمات من الطاقة بالقفز من مدار إلى آخر.
وفي عام 1913م شرح الفيزيائي الدنماركي نيلز بور، بدلالة وحدات الكم، كيف تمتص الذرات الطاقة وتشعها. وفي عام 1924م تقدم الفيزيائي الفرنسي لويس دو بروغلي بفكرة أن الإلكترونات أيضًا يمكن أن تُبدي خصائص موجية. وفي منتصف العشرينيات من القرن العشرين أنشأ الفيزيائيان إيرفين شرودينجر من النمسا، وفرنر هيسينبرج من ألمانيا، باستقلال عن بعضهما، نظامين متكافئين يحويان في صياغة رياضية واضحة كل الفيزياء الكمية السابقة. وتطورت الآراء المشتركة لشرودينجر وهيسينبرج على أيدي الكثيرين لتصبح الحقل المعروف باسم ميكانيكا الكم. انظر: ميكانيكا الكم.
أينشتاين والنسبية. خلال القرن التاسع عشر حاول الفيزيائيون قياس سرعة الأرض بالنسبة للأثير ولم يفلحوا. والأثير في الفيزياء التقليدية ساكن وليست له حركة. وفي أوائل الثمانينيات من القرن التاسع عشر الميلادي فسر الفيزيائي الهولندي هندريك لورنتز هذا الفشل بافتراض أن الأرض تجرُّ معها الجزء من الأثير الملاصق لها أثناء تحركها خلال الأثير. ثم تمكن الفيزيائيان الأمريكيان ألبرت أ. مايكلسن وإدوارد و. مورلي من تطوير جهاز يعطي قياسات أدق بكثير مما كان ممكنًا بالأجهزة السابقة. ساعدت تجاربهما في دحض نظرية الأثير. ففي عام 1887م أوضحت تجارب مايكلسن ومورلي أن حركة الأرض حول الشمس لا تؤثر على سرعة الضوء. وهذه النتيجة لا يمكن أن تفهم في نطاق نظرية الأثير إلا بافتراض أن الأثير قرب سطح الأرض يتحرك بنفس سرعة الأرض. غير أن هذا الافتراض يناقض نتائج تجارب أخرى كثيرة.
ألبرت أينشتاين اقترح النظرية النسبية الخاصة في عام 1905م. وغيرت هذه النظرية أفكارنا عن الزمان والمكان ووفرت الأساس لتحرير طاقة الذرة.
لم تُحسم مسألة التناقض هذه إلا في عام 1905م. ففي هذا العام حلّل أينشتاين عملية القياس ذاتها، ونتيجة لهذا التحليل تقدم بنظريته النسبية الخاصة. وتبدأ النظرية بفرضيتين، أي مبدأين أساسيين.
تنص الفرضية الأولى على أن قوانين الفيزياء تكون بشكل موحد عند كل المشاهدين الذين يتحركون حركة منتظمة بالنسبة لبعضهم. وتنص الفرضية الثانية على أن سرعة الضوء غير متغيرة، أي بقيمة واحدة، عند كل المشاهدين. ومن الاستنتاجات المأخوذة من هاتين الفرضيتين أن هناك علاقة بين الكتلة والطاقة. وقد عبر أينشتاين عن هذه العلاقة بمعادلته المشهورة ط = ك ث²، حيث ط ترمز للطاقة، ك للكتلة وث² لمربع سرعة الضوء.
حاول أينشتاين كذلك أن يستبدل بنظريات الجاذبية التقليدية صياغة أكثر دقة لقوانين الجاذبية. وفي عام 1915م أعلن عن نظريته النسبية العامة. تبدأ هذه النظرية بافتراض أن تأثير الجاذبية على الأجسام يمكن أن يستبدل تمامًا، عند كل نقطة، بتعجيل النظام الإحداثي تعجيلاً مناسبًا. ولم تعد الجاذبية خاصية للأجسام التي تتجاذب وإنما أصبحت إحدى خواص الفضاء الذي تتحرك فيه الأجسام. وتنبأت النظرية بأن مسار الأشعة الضوئية يتأثر بالأجسام ذات الكتلة التي يمر قريبًا منها. وقد تأكد هذا التنبؤ بالمشاهدة في عام 1919م. وتنبأت النظرية كذلك بوجود موجات تجاذبية تنتقل بسرعة الضوء. ولكن هذه الموجات لم يُكشف عنها تجريبيًا حتى الآن. انظر: الجاذبية.
الكشف عن أسرار الذرة . حفز اكتشاف أن للذرات تركيبًا داخليًا الفيزيائيين للنفاذ داخل هذه الوحدات الدقيقة للمادة. ففي إنجلترا طوّر إرنست رذرفورد أنموذجًا للذرة عام 1911م. وفي هذا الأنموذج، تستقر الشحنة الموجبة المكثفة في مركز كروي صغير يسمى النواة، وتدور الإلكترونات حول النواة. وقدم نيلز بور تعديلات على هذا الأنموذج عام 1913م. وفي ذلك العام تمكن أمريكي، هو روبرت ميليكان، من الحصول على قياس دقيق لشحنة الإلكترون. انظر: الذرة.
واستمر اكتشاف جسيمات تحت ذرية بعد هذا العمل المبكر. ففي عام 1932م أجرى الفيزيائي الإنجليزي جيمس تشادويك، تجارب دللت على أن النواة الذرية تتكون من نوعين من الجسيمات، البروتونات ذات الشحنة الموجبة والنيوترونات عديمة الشحنة. وفي عام 1935م اقترح الفيزيائي الياباني هيديكي يوكاوا، أن جسيمات أخرى، سماها الميزونات، موجودة في نواة الذرة. انظر: الميزون.
وفي عام 1938م اكتشف فيزيائيان ألمانيان، هما أوتو هان وفرتز ستراسمان، الانشطار النووي بشطر ذرات اليورانيوم. وسرعان ما استنتج الفيزيائيون أن عملية الانشطار النووي يمكن أن تحرِّر، وفق معادلة أينشتاين ط = ك س2، كميات هائلة من الطاقة. وفي عام 1942م، أثناء الحرب العالمية الثانية، تمكن الفيزيائي الإيطالي المولد إنريكو فيرمي مع معاونيه في جامعة شيكاغو من تحقيق أول تفاعل تسلسلي مُتحكَّم فيه للانشطار النووي. وفي عام 1945م، قرب نهاية الحرب، أنتج العلماء والمهندسون الأمريكيون أول قنابل تعتمد مقدراتها التفجيرية على الانشطار النووي. وأُسقطت قنبلتان ذريتان من هذا النوع على اليابان عام 1945م. انظر: الطاقة النووية؛ السلاح النووي.
ريتشارد فينمان أسهم في الأربعينيات من القرن العشرين في دراسة الدينامية الكهربائية الكمية، إذ وصف كيف تتفاعل الإلكترونات مع الإشعاع الكهرومغنطيسي. ثيودور ميمان، من الولايات المتحدة، صنع أول جهاز ليزر، ليزر البلورة، وشغّله لأول مرة عام 1960م. وجهاز الليزر يضخم الضوء ويوجهه في شكل حزمة قوية.
التطورات في منتصف القرن العشرين. بعد عام 1945م أصبحت صورة الذرة أكثر تعقيدًا، إذ استمر الفيزيائيون يكتشفون المزيد من الجسيمات تحت الذرية. ففي عام 1955م اكتشف الفيزيائيان الأمريكيان أوين تشامبرلين وإميليو سيجري جسيم البروتون المضاد، وهو بروتون بشحنة سالبة. وفي عام 1964م اقترح الفيزيائيان الأمريكيان موراي جل ـ مان وجورج زفايج وجود جسيمات الكوارك بوصفها جسيمات أساسية. وتتكون البروتونات والنيوترونات من تجمعات مختلفة من جسيمات الكوارك. ومن الأدلة القوية على وجود الكوارك اكتشاف جسيم إبساي وهو نوع من الجسيمات تحت الذرية يسمى أيضًا جسيم جيه، بوساطة الأمريكيين بيرتون ريختر وصمويل سي. سي. تنج. انظر: المادة المضادة؛ جسيم إبساي؛ الكوارك.
قادت الأبحاث في منتصف القرن العشرين إلى تطورات مهمة في التقنية أيضًا. ففي عام 1947م اخترع فيزيائيون أمريكيون الترانزستور. وأحدث هذا الجهاز الصغير ثورة في صناعة الإلكترونيات. وفي أوائل الستينيات من القرن العشرين أنتج الباحثون في الفيزياء الذرية والبصرية أجهزة تضخيم الضوء، المسماة أجهزة الليزر. وأصبحت هذه الأجهزة أدوات قيمة في مجالات مثل الاتصالات والصناعة وأبحاث الطاقة النووية. انظر: الليزر؛ الترانزستور.
صمويل سي. سي. تنج أعلاه ، وبيرتون ريختر ، من الولايات المتحدة، اكتشفا نوعًا جديدًا من الجسيمات الأولية ـ جسيم إبساي أو جيه ـ في عام 1974م.
كارلو روبيا استخدم جهاز تصادم البروتونات والبروتونات المضادة في المركز الأوروبي للأبحاث النووية، وكشف في عام 1983م عن وجود جسيمات +Z°, W- , W مؤكدًا بذلك تنبؤات العلماء الآخرين.
الفيزياء اليوم. مايزال مجال الفيزياء واحدًا من أهم مجالات العلوم وأكثرها نشاطًا. فقد أدت البحوث الجارية حتى الآن، في طبيعة المادة إلى اكتشافات مهمة. فعلى سبيل المثال اكتشف باحثون ألمان عام 1979م جُسَيْمًا أوليًا مهمًا، هو جسيم القلون أو اللاصق. والقلونات، نوع من البوزونات، وتحمل التفاعل القوي. والتفاعل القوي هو القوة النووية التي تربط مكونات نواة الذرة ببعضها. وفي عام 1983م اكتشف فريق أبحاث بقيادة كارلو روبيا من إيطاليا ثلاثة جسيمات أخرى من الجسيمات تحت الذرية، هي جسيمات .Z° , W- , W+ وكان الفيزيائيون النظريون قد تنبأوا بوجود هذه الجسيمات التي هي حَمَلة التفاعل الضعيف والذي يسمى أيضًا التفاعل الضعيف. والتفاعل الضعيف هو القوة المتحكمة في تحلل النويات الذرية، العملية الفعالة في الإشعاع الطبيعي.
ويعتقد الفيزيائيون باحتمال وجود وحدة أساسية بين ثلاث من القوى الطبيعية في الكون: التفاعل القوي والتفاعل الضعيف والتفاعل الكهرومغنطيسي الذي يربط الإلكترونات بالنواة. النظريات التي تحاول أن تؤسس هذه الوحدة بين القوى يشار إليها باسم النظريات الكبرى الموحدة. ويفحص الباحثون كذلك نظريات الجاذبية الفائقة التي تشمل، في الإطار الوحدوي، القوة الأساسية الرابعة، أي الجاذبية. ويشير مثل هذه النظريات إلى أن الفيزيائيين قد بدأوا مرة أخرى يعبِّرون عن الأمل في وجود عدد قليل من القوانين الأساسية يوحد كل معرفتنا عن الكيفية التي يعمل بها العالم. انظر: النظريات الكبرى الموحدة.
وتستمر الفيزياء كذلك في تقديم إسهامات مهمة للتقنية. على سبيل المثال، أدّى تقدم الإلكترونيات إلى تطوير أجهزة حاسوب في غاية التعقيد وروعة الأداء. وأدت أجهزة الليزر والألياف البصرية ـ شعيرات رفيعة من الزجاج أو البلاستيك تحمل الضوء ـ إلى تحسينات في نظم الاتصال والتقنية الطبية. انظر: البصريات الليفية.
وبدأ الفيزيائيون يطورون مواد شبه خزفية تستطيع أن تعمل موصلات كهربائية فائقة التوصيل عند درجات حرارة أعلى بكثير مما كان ممكنًا بالموصلات الفائقة السابقة. وقد يؤدي التقدم في مجال التوصيل الفائق، يومًا ما، إلى تطبيقات مثل مولدات القدرة الاقتصادية ذات الكفاءة، والقطارات السريعة التي تطفو فوق الحقول المغنطيسية ونظم التصوير الطبي المطورة.
انظر أيضًا: العلوم عند العرب والمسلمين.
أسئلة
ما الفرق بين عمل الفيزيائي النظري وعمل الفيزيائي التجريبي؟
ماذا برهن جاليليو في دراسته لحركة الأجسام الساقطة؟
متى حقق الفيزيائيون أول تفاعل تسلسلي للانشطار المتحكَّم فيه؟ ماذا كانت أهميته خلال الحرب العالمية الثانية؟
اذكر أمثلة لتطورات في الهندسة والتقنية متعلقة بمبادئ الفيزياء.
ما النظريات الكبرى الموحدة؟ ماذا يميز نظريات الجاذبية الفائقة عن النظريات الكبرى الموحدة؟
اذكر فرضيتيْ نظرية أينشتاين النسبية الخاصة.
ما التطورات التقنية المتقدمة التي نتجت عن أبحاث الفيزياء في منتصف القرن العشرين؟ كيف كانت هذه التطورات مهمة؟
كيف أسهم العلماء العرب في تطوير الفيزياء خلال القرون الوسطى؟
ما وحدات الكم؟ من أول من اقترح فكرة وحدة الكم؟
ما الذي برهنه مايكلسن ومورلي في تجربتهما التي أجرياها عام 1887م؟
ما الموضوعات الفيزيائية التي تناولها كتاب ابن الهيثم؟