سُلَّم مراحل التعليم يبدأ عادة بالروضة ثم المرحلة الابتدائية فالمتوسطة فالثانوية ثم التعليم الجامعي. ومن مهام المدارس تأهيل أجيال اليوم لتحمّل مسؤوليات الغد.
المَدْرسة مؤسسة تزود النشء بالتربية والتعليم. وتوصف المدرسة عمومًا بأنها مبنى يذهب إليه الطلبة بانتظام ليتعلموا القراءة والكتابة والرياضيات والعلوم والدراسات الاجتماعية وغيرها. وتختلف بعض المدارس عن ذلك الوصف الأساسي؛ فمثلاً، هناك عدد من الأطفال الأستراليين، ممن يعيشون في محطات تربية الأغنام بعيدًا عن أية مدينة، يتم تعليمهم يوميًا في بيوتهم بوساطة الإذاعة والتلفاز؛ يتحدث إليهم المدرسون من بُعد وهم في استديو للإذاعة، ويتحدث الطلبة إلى معلميهم عن طريق نظام إذاعي للحديث المُعاد. ومدرسة الهواء هذه ليست بناءً مدرسيًا يذهب إليه الطلاب للتعلم، ولكنها تقوم مقام المدرسة فعلاً.
ومدرسة الأطفال أو مدرسة الحضانة تضم أطفالاً قد لا يدرسون مواد القراءة والكتابة والحساب. ولكن ماذا عن الجامعة التي يلتحق بها الكبار؟ هل من الملائم أن نسميها مدرسة؟
لكي نفهم المقصود بالمدرسة لدى مختلف الناس، فإنه من المفيد الإجابة عن الأسئلة الستة التالية:
ما المستويات الدراسية التي تُكوِّن عادةً السُّلَّم التعليمي؟ وفي أي مكان يتم التعلُّم؟ ما المواد الدراسية التي تدرس في المدرسة؟ ما الأشياء التي تحتاج إليها المدارس المختلفة؟ ما نوعية العاملين في المدارس؟ وأخيرًا، من الذي يدير هذه المدارس ويموِّلها؟
السُّلَّم التعليمي
حجرة دراسة بمدرسة ابتدائية للبنات في دولة قطر.
تتشابه بداية التعليم على مستوى العالم. والمدرسة الابتدائية يُقْصد بها عادة المؤسسة المعنية بتدريس مبادئ القراءة والكتابة والرياضيات والجغرافيا والتاريخ والعلوم الدينية. وتُعرف المدرسة التي يتعلم فيها الأطفال عادةً، باسم الأولية أو الابتدائية أو التعليم الأساسي. وعندما تنتهي السنة السادسة أو الثامنة من المدرسة الابتدائية، ينتقل التلاميذ في الأحوال العادية إلى المدرسة الثانوية. وغالبًا ما يكون التعليم الثانوي مقسمًا إلى مستوييْن هما المتوسط أو الإعدادي والثانوي.
والشباب الذين أنهوا المرحلة الثانوية وأعمارهم تتراوح بين 17و 19عامًا، ويتطلعون إلى مواصلة دراسات متقدمة، يذهبون إلى مؤسسات التعليم العالي التي تمثل المستوى الثالث للتعليم. وهذه المؤسسات تُسَمَّى عادةً الجامعات أو الكليات أو المعاهد العليا، أو الكليات المتعددة التخصُّصَات أو الأكاديميات، ولكن بعضها قد يُطلق عليه أحيانًا اسم مدرسة.
وتوجد في عدد من الدول مدارس خاصة للأطفال المعاقين بسبب فقدان البصر أو الصمم أو البكم، مما يُسبِّب تدنِّي مقدرتهم على التعليم، وهناك معاقون لأسباب أخرى. ويمكن أن تُفتتح المدارس الخاصة للطلبة الذين لديهم قدرات عالية في الفن أو الموسيقى أو العلوم أو المسرح. ويوجد في عدد من المجتمعات مدارس حضانة ورياض أطفال (مراكز ما قبل المدرسة) للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين وست سنوات.
وتقدم كثير من دول العالم برامج تحت شعار التعليم مدى الحياة تهيِّء الفرص لحضور الكبار إلى المدارس التي تتناسب مع طبيعة أعمالهم واحتياجاتهم، أو مع اهتماماتهم وميولهم.
وتختلف الدول في طريقة تقسيم السنوات بين المرحلتين الابتدائية والثانوية. والنمط الشائع في المملكة المتحدة هو نظام المستويين؛ المدرسة الابتدائية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و11سنة (فى أسكتلندا بين 5 و12) والمدرسة الثانوية للطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و 16 أو 18 سنة. وبالرغم من ذلك، فإن نحو 15% من أطفال إنجلترا يلتحقون بمدارس نظام الحلقات الثلاث: المدارس الأولية (من سن 5 إلى 8 أو 9 سنوات) والمدارس المتوسطة (للأعمار من 8 إلى 12 سنة أو من 9 إلى 13 سنة). ثم المدارس العليا (للأعمار من 12 أو 13 سنة إلى 16 أو 18 سنة).
ويوجد في جمهورية أيرلندا مدرسة ابتدائية لمدة ثماني سنوات، تليها ثانوية متوسطة (ثلاث سنوات)، وبعدها ثانوية نهائية (سنتين). وفي أستراليا تتراوح مدة الدراسة الابتدائية بين ست وسبع سنوات، بينما ينقسم التعليم الثانوي إلى متوسط (3 أو 4 سنوات) ونهائي (سنتين). وتتبع نيوزيلندا نظام الابتدائية ذات السنوات الثماني والثانوية ذات السنوات الخمس.
وفي الهند، مدة التعليم الأساسي ثماني سنوات، وغالبًا ما تنقسم هذه السنوات الثماني إلى قسمين يسميان الابتدائية (5 سنوات) والمتوسطة (3سنوات)، ويتبعها أربع سنوات من التعليم الثانوي الهندي الذي ينقسم إلى مستوى أول (سنتين) ومستوى أعلى (سنتين). ويتألف نظام التعليم في ماليزيا من الابتدائي 6 سنوات، والثانوي المتوسط 3 سنوات، والثانوي العالي (سنتان) تليها سنتان من مستوى الصف السادس.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية طرق مختلفة في تقسيم السنوات الاثنتي عشرة للمرحلتين الابتدائية والثانوية، ولكن هناك نوعين شائعين تم استحداثهما في بدايات القرن العشرين. أحدهما هو نظام المرحلة الابتدائية (6سنوات) والثانوية المتوسطة (3سنوات) والثانوية العالية (3سنوات). أما النظام الآخر، نظام الابتدائية (8سنوات) والثانوية العالية (4سنوات)، فقد تم استحداثه في العقد الأول من القرن التاسع عشر الميلادي.
أما في البلاد العربية، فإن نظم التعليم ومناهجه تتشابه من حيث عدد السنوات وترتيب المراحل الدراسية. حيث يلتحق الطفل ذو السنوات الست بالمرحلة الابتدائية (6سنوات) ثم ينتقل إلى المرحلة المتوسطة أو الإعدادية (3سنوات). ومنذ عدة سنوات أصدرت مصر قرارًا بتخفيض الابتدائية إلى (5سنوات) في التعليم العام، ولكنه بقي لمدة 6 سنوات في التعليم الديني (الأزهري). وعمومًا تُبدي الحكومات والجمعيات والأفراد اهتمامًا كبيرًا بتطوير التعليم وتشجيعه. انظر: التعليم في الدول العربية.
أماكن المدارس
التدريس قديمًا عن طريق الكتاتيب في الساحل الشرقي للجزيرة العربية، وكما هو الحال في الكثير من الدول الإسلامية حيث ارتبطت هذه المرحلة بتحفيظ القرآن الكريم ودراسته.
التعليم في المملكة العربية السعودية حظي بعناية خاصة حيث أقيمت المباني والتجهيزات للمدارس في جميع مناطق المملكة، مثل هذا المبنى لإحدى مدارس البنات المتوسطة في تبوك.
حجرات الدراسة. هي الأماكن التي تتم فيها عملية التعليم. وفي جميع الدول، تكون غالبية الأماكن هي حجرات الدراسة التي تحتوي على أدراج أو مكاتب للطلبة ومكتب للمدرس وسبورة تعلَّق أمام التلاميذ. وفي المدن الكبيرة، غالبًا مايكون عدد الحجرات الدراسية كبيرًا في المبنى الواحد. أما في المدن الصغيرة، فربما وجد في مبنى المدرسة الابتدائية العادية ست أو ثماني حجرات دراسية فقط، واحدة لكل مستوى. أما في القرى الواقعة في الجبال أو الغابات، فربما لايوجد سوى حجرة أو حجرتين في المدرسة يدرس فيها تلاميذ من مختلف الأعمار معًا وفي الغرفة نفسها.
وبالإضافة إلى هذه الأنواع المختلفة من الأماكن الدراسية، يتم التعليم في عدد من الأماكن غير المألوفة. فمثلاً، هناك أجزاء من إفريقيا وآسيا، حيث تعيش الأسر البدوية في خيام لتيسير تنقلاتها خلال العام من مكان إلى آخر بحثًا عن الكلأ لأبقارهم وأغنامهم، ويذهب أطفال هذه الأسر للدراسة داخل خيمة، حيث يستمعون إلى مدرِّسهم ويكتبون دروسهم وهم جالسون على الأرض أو على السجاد وليس على مقاعد. أما الأطفال الرُّحل الذين يسافرون مع أهلهم، فإن بعض الدول تمدهم بمدرسين ينتقلون من مكان إلى آخر داخل حافلات مهيأة كحجرات دراسية متنقلة.
وفي الدول التي يعتنق أغلب سكانها الإسلام منذ قرون عدة (الدول العربية في الشرق الأوسط وفي شمالي إفريقيا، وفي باكستان وماليزيا وإندونيسيا وفي بعض أجزاء الهند)، ارتبط التعليم بتحفيظ القرآن الكريم ودراسته، وكانت بدايته في المساجد، ثم أنشئت مدارس لتحفيظ القرآن، عُرفت باسم الكتاتيب والزوايا والخلاوي، كانت تنهض بتعليم القرآن الكريم والعلوم الإسلامية، وكانت بأعداد متفاوتة في الريف والحضر.
وكان بعض هذه المدارس يقدم وسائل الإقامة والإعاشة للطلاب، وتتقاضى منهم تكاليف تعليمهم، من أجور كان الطلبة يحصلون عليها نظير تقديم بعض الخدمات للمعلمين.
وفي بعض مناطق إفريقيا وآسيا لا توجد حتى اليوم مبان مدرسية، ويتعلم التلاميذ في الهواء الطلق. وفي المناطق الجبلية النائية في الصين يستخدم الكهف أحيانًا مدرسة.
مناهج التعليم العام
عدد من الطلاب وهم يتلقون درسًا عمليّا بإحدى المدارس الصناعية في قطر.
في معظم بلاد العالم، تتشابه المواضيع الأساسية والمناهج التي يدرسها معظم الطلبة إلى حد كبير؛ فالمناهج الدراسية التي تُدرس في كل مدرسة ابتدائية تقريبًا تشتمل على قراءة اللغة المحلية وكتابتها والدراسات الاجتماعية (غالبًا التاريخ والجغرافيا) ومبادئ الحساب والعلوم الطبيعية والتربية الصحية والفنون والأنشطة الرياضية. وفي كثير من الدول، تُخصص ساعة أو ساعتان كل أسبوع للتربية الدينية أو الأخلاقية. وتُسمَّى المقرَّرات التي تقدمها المدرسة المنهج الدراسي. وتُدرج هذه المقرَّرات أحيانًا في كتب التوجيه الخاصة بالمناهج المدرسية، ولا تتم دراستها جميعًا في كل فصل دراسي. وعندما يكون المعلمون غير مدربين بدرجة كافية لتدريس العلوم والفنون، فإنهم قد يجعلون هذه الموضوعات خارج دروسهم اليومية، وقد يقضي المعلم وقتًا أكبر في تعليم القراءة والكتابة والرياضيات، ثم لا يجد وقتًا كافيًا للموضوعات الأخرى.
وقد يرى المسؤولون عن التعليم، من وقت إلى آخر، ضرورة التركيز على مناهج دراسية بعينها. فمثلاً، أصدرت الحكومة الماليزية عام 1990م قانونًا يقضي بأن يلتحق كل طالب في فصل للتربية الدينية، وحينئذ صارت الدراسات الدينية إجبارية بدلاً من أن تكون اختيارية كما كانت في الستينيات من القرن العشرين.
تحتوي مناهج المدارس المتوسطة على المواد التي تتضمنها كتب المدارس الابتدائية نفسها، لكن المواد تُدرَّس في المرحلة المتوسطة على مستوى متقدم. وقد تُضاف دراسة اللغة الأجنبية، وبعض مبادئ التعليم المهني (مثل: الفنون الصناعية والاقتصاد المنزلي) إلى المدارس المتوسطة. أما في المدارس الثانوية، فإن المنهج يصبح أكثر تشعبًا. وعلى هذا، يركز بعض الطلبة على العلوم، بينما يركز آخرون على تخصصات في الأدب واللغات، وتركز فئة ثالثة منهم على الموضوعات العامة التي تُعدُّ للجامعة ولممارسة الأعمال الحرفية مثل الفنون الصناعية وما شابه ذلك.
وتقرر الحكومة المركزية في كثير من دول العالم المناهج التي يجب تدريسها في جميع المدارس. هذا الأمر قائم في بعض الدول مثل: فنلندا، فرنسا، اليونان، اليابان، ماليزيا، سنغافورة، تايوان، ساموا الغربية، وفي غيرها. ومع ذلك، فإن دولاً أخرى تترك تحديد المواد الدراسية التي يدرسها الطلبة للولاية أو المقاطعة أو لمديري المدارس المحلية ومدرسيها. وهذا نظام معمول به في كلٍّ من أستراليا وكندا والهند والولايات المتحدة الأمريكية. وفي بعض الدول، قد يكون هناك جزء من المنهج يتم تصميمه في عاصمة الدولة ويتم تصميم الجزء الآخر في المدارس المحلية. وفي عام 1988م، خرجت الحكومة البريطانية عن التقاليد العريقة المتمثِّلة في السماح للمدارس المحلية باتخاذ القرار فيما يتعلق بالمناهج؛ ووضعت قائمة بالمناهج الدراسية التي يتعين تدريسها في جميع المدارس. ويتكون المنهج الوطني من المواد المحورية الثلاث (اللغة الإنجليزية والرياضيات والعلوم) والمواد الدراسية السبع الأساسية. ولكي يتم مّد الطلبة بالمهارات الفنية الحديثة، فإن المنهج الدراسي للمملكة المتحدة يقضي بضرورة تعليم الحاسوب.
التجهيزات والمعدات
حجرة دراسة للفنون الجميلة في دولة الإمارات العربية المتحدة.
في معظم أرجاء العالم، تشتمل التجهيزات المدرسية عادة على المقاعد والسبورة الكبيرة والكتب الدراسية، وقد تشتمل على قليل من الوسائل التعليمية كالخرائط والجداول التي تعلق على جدران حجرات الدراسة. وغالبًا ما يتم تزويد المدارس الثانوية والجامعات بمعدات خاصة لمختبرات العلوم، مثل المجاهر العلمية أو أنابيب الاختبار وغيرها من معدات مختبرات الكيمياء، ومعارض علم الأحياء، كما يتم تزويدها بآلات الموسيقى للفرق المدرسية وبنصوص المعزوفات. وفي مجال فنون التشكيل تُزود المدارس بمواد الصلصال والدِّهانات، وفي النسيج بالأنوال والخيوط، وفي دراسات التربية الرياضية بالكرات والملاعب وحمامات السباحة، وفي الدراسات المهنية تُزود المدارس بآلات كاتبة وآلات خياطة ومناشير كهربائية وأدوات بناء.
وفي المجتمعات التي لديها قدرة على إنفاق مزيد من المال على التجهيزات في المدارس تشتري أجهزة المذياع والتلفاز لحجرات الدراسة، ويزداد عدد الكتب في مكتبات المدارس وتوفر أجهزة عرض الأفلام والخرائط والشرائح المصورة. وقد أُضيفت أجهزة الحاسوب في جميع أنحاء العالم كجزء من تجهيزات حجرات الدراسة. والواقع أن المناطق التي لديها قدرة مالية كافية غالبًًا ما تُوفر في بعض المدارس الثانوية عدة أجهزة حاسوب لكل حجرة دراسية. وفي بعض المدارس الثانوية يخصص حاسوب لكل طالب.
ويختلف حجم تجهيزات الفصل الدراسي من دولة إلى أخرى، ومن مدرسة إلى أخرى. فالمدارس الأغنى تُزود الطلبة بأعداد كبيرة من الكتب، بالإضافة إلى عدد كبير من الخرائط وأشرطة الفيديو، ومعدات العلوم، والتسجيلات الموسيقية، ومعدات التعليم المهني (كالنجارة والإلكترونيات) والاقتصاد المنزلي ونحوها. أما المجتمعات التي لا يمكنها أن توفِّر إلا تجهيزات قليلة للمدارس، فغالبًا ينقص مدارسها الكتب المدرسية، وقد يأتي التلاميذ بدون أقلام أو ورق. ولاشك أن المدرسة التي توفر مختلف الكتب والمعدات لديها فرصة أفضل للتعليم الفعّال أكثر من التي لا تستطيع تزويد تلاميذها بقدرٍ كافٍ من الكتب الدراسية الأساسية.
ولا تعتمد فعالية التجهيزات، في حجرة الدراسة، على التجهيزات فقط، ولكنْ تعتمد كذلك على إبداع المعلمين في ابتكار وسائل التدريس واستخدام الأجهزة استخدامًا أمثل. ويوضّح الوصف التالي، لحجرتي دراسة لطلاب أعمارهم حوالي 14عامًا، كيف أن الإمكانات والخدمات التعليمية تختلف إلى حد كبير من مدرسة لأخرى.
الحاسوب أصبح من ضرورات العصر الحديث. مجموعة من الدارسين في مركز لتعليم أساسيات الحاسوب في دولة قطر.
نموذج لحجرة دراسة متطورة. تقع هذه الحجرة الدراسية في مدرسة بمدينة عصرية متطورة تتوافر لديها المعدات الفنية المتقدمة جدًا، بحيث يتوافر لكل طالب حاسوب شخصي صغير على مكتبه، ومعه لوحة إدخال معلومات وشاشة لمشاهدة ما يكتب. وهكذا، يمكن للطلبة أن يكتبوا دروسهم على الحاسوب الشخصي. هذا بالإضافة إلى لوحة إدخال إلكتروني، تسمح للطلبة بإدخال المعلومات إلى الحاسوب بوساطة التحدث، فيظهر في الحال ما ينطق به الطالب للحاسوب على هيئة كلمات مطبوعة على الشاشة. وتُساعِد الطابعة الموجودة على طرف المكتب في طباعة نُسَخ من المعلومات المُخزَّنة في الحاسوب الشخصي، مثل: مقالة أو قصة ألفها الطالب أو إجابات الطالب عن أسئلة امتحان. وأُلحقت بالجهاز سماعتان متصلتان بالحاسوب تمكنان الطالب من سماع الموسيقى أو المحاضرات المخزّنة في الحاسوب.
وفي الجزء الأمامي من مثل هذا الفصل الدراسي الحديث، يوجد حاسوب عام أكبر للمعلم، وهو موصَّل بجميع أجهزة الحاسوب التي يعمل عليها الطلبة داخل الفصل. ويستطيع المعلم نقل المعلومات لشاشات أجهزة الحاسوب الخاصة بالطلبة؛ مثل: مواد القراءة، الصور الثابتة أو المتحركة، أنواع التجارب العلمية، أسئلة الامتحان. ويمكن إرسال هذه المعلومات إلى جميع الطلبة في وقت واحد، كما يكون باستطاعة المدرس إرسال معلومات خاصة لواحد أو اثنين من الطلبة. ويستطيع المدرس أيضًًا إعطاء تدريبات عملية تراعي الفروق الفردية بين التلاميذ. هذا، وقد غدت كتابة الواجبات على أجهزة الحاسوب أمرًا هينًًا لوجود مُصحِّح إملائي آلي أو ذاتي داخل كل حاسوب.
وبدلاً من السبورة التي أمام الفصل، توجد شاشة تلفاز كبيرة موصلة بجهاز عرض أقراص الليزر، وأداة العرض آلة توضع بها أقراص معدنية كالتي توضع في المسجلات الضوئية (كل قرص يمكنه اختزان 85,000 من الصور والرسوم والجداول) تحتوي على معلومات تغطي آلاف الموضوعات التي تمت دراستها في المدرسة. وكل هذه الموضوعات يمكن مشاهدتها على شاشة التلفاز بمجرد لمسة على زر الحاسوب. ويستطيع كلٍّ من المعلم والطلبة اختيار سلسلة من الموضوعات ذات الأهمية الخاصة في العلوم أو التاريخ أو الجغرافيا أو الموسيقى أو الألعاب أو الفنون، أو غير ذلك من الموضوعات. وبالإمكان مشاهدة الدرس على الشاشة بالصوت والصور الملونة الشديدة الوضوح.
وبالإضافة إلى أقراص الليزر، يوجد جهاز المضَمِّن ـ الكاشف موصَّلاً بهاتف الفصل، الأمر الذي يساعد الفصل الدراسي على استقبال برامج التلفزة، أو عرض معلومات تُستدعى من مكتبات بعيدة عن الحواسيب الشخصية الخاصة بالطلبة، أو عن الحاسوب الكبير داخل الفصل. ويستطيع الطلبة في مثل هذا الفصل تجميع الموضوعات التي يدرسونها، مما كُتب في دفاترهم أو مما يكون ضمن الكتب المقررة، أو مستمدًا من مصادر المكتبة البعيدة، وتطبع المعلومات على أجهزة الحاسوب لطلبة الفصل.
وبتوفير مثل هذه المعلومات، يستطيع المدرس أن يجعل الطلبة يتعرّفون على كثير من مناطق العالم، من خلال ما يتوافر من الصور والمعلومات الأخرى، كما يستطيع الطلبة تحسين طريقة تفكيرهم ومهاراتهم الكتابية من خلال القيام بتجارب مستمرة على أجهزة الحاسوب داخل الفصل الدراسي.
نموذج لمدرسة في منطقة زراعية فقيرة. وهذا مثال لإحدى الحجرات الدراسية العادية والموجودة في أجزاء عديدة من العالم، خصوصًا في المناطق الزراعية الفقيرة اقتصاديًا، كتلك الدول التي تقع في كلًّ من إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية، حيث التجهيزات المدرسية ضعيفة للغاية. حجرة الدراسة في مثل هذه المدرسة مكوَّنة من جدران قد تكون من خشب الخيزران المتلاصق، وتتخللها فتحات لإضاءة الفصل. وقد توجد في مثل هذه الحجرة مقاعد وطاولات خشبية للطلبة، وقد تكون هناك سبورة صغيرة معلقة في مقدمة الحجرة. وإذا ما كانت لدى المعلم والطلبة مقدرات ابتكارية، فإنه يمكنهم توفير الاحتياجات الأساسية وإيجاد المواد التعليمية.
وقد لا يوجد بين يدي المدرس سوى كتاب واحد لتدريس مواد كلٍّ من الرياضيات والتاريخ والعلوم والقراءة. وقد لا توجد أيضًًا كتب خاصة للطلبة. فيقوم الطلبة بعمل دفاتر إضافية بنسخ الكتب الأربعة يدويًًا كواجب منزلي. وقد تحصل هذه المدرسة على الورق عن طريق مكاتبة بعض المؤسسات ذات الإمكانات الكبيرة، وإعلام مسؤوليها بأن المدرسة تنقصها الكتب، وتطلب منهم ورق الكتابة وأقلام الشمع الملوَّن وبقايا ورق مقوى حتى يمكنهم رسم الخرائط لقريتهم ولبلادهم وللعالم أيضًًا.
ومثل هذه الخرائط، تعلق على جدران حجرة الدراسة. ونظرًا لندرة الورق، فإن الطلبة يكتبون على لوح خشب أسود غير مستوٍ تمامًا. ويصنعون الطباشير من الحجر الجيري الذي يُستخرج من المناطق المجاورة.
ولأن المدرسة لا تتوافر بها كتب، فإن الطلبة يقومون بعمل كراساتهم كجزء من برنامجهم الدراسي في مادتي التاريخ والأدب. وقد يقتضي درس من دروس التاريخ لجوء الطلبة إلى مقابلة كبار السن في القرية ليعرفوا منهم كيف كانت الحياة في مجتمعهم في الماضي. وبعد أن يكتب الطلبة وصفهم لما تم في هذه المقابلات، فإن هذه الكتابات مجتمعة تكوّن كتابًا يودع في المكتبة تحت عنوان تاريخ قريتنا. وبوسائل مماثلة، تنشأ موضوعات أخرى على نفس نمط تاريخ قريتنا، وذلك عن طريق مقابلات يجريها الطلاب حول الأعمال في مجتمعنا؛ حكايات وطرائف؛ مصادر المياه؛ ديننا؛ تحضير الطعام؛ العناية بالحيوان. وكل هذه الموضوعات تتم كتابتها بخط اليد وتوضع في مكتبة الفصل. وقد يستعير الطلبة بعض الكتب كمراجع لتأليف موضوعات تكون جزءًا من مقتنيات المكتبة مثل الإسعافات الأولية؛ تجارب العلوم البسيطة؛ الأبطال المشهورين.
وقد يجمع الطلبة لدراستهم في مادة العلوم بعض الأشياء من المنطقة المحيطة، ثم يقومون بعرض كل ما جمعوه داخل الفصل الدراسي. وتشمل هذه الأشياء الصخور والنباتات والحشرات وأنواع الخشب والأواني الزجاجية والنسيج والجلود والمعدات. وبمساعدة كتاب التوجيه الحكومي كيف تقوم بإجراء تجارب علمية بسيطة، جمع طلبة الفصل بعض المعلومات عن القرية لإجراء بحوث حولها، مثل: نمو النبات، الموازين، المقاييس، التغيُّرات الكيميائية، متانة المواد.
وهذا المثال يشير في الواقع إلى أنه حتى في المناطق الفقيرة، يستطيع المعلمون والطلبة تطوير إمكانات التعليم، وذلك من خلال عمل وسائلهم التعليمية بأنفسهم.
العاملون في المدارس
خارج جدران المدرسة، يتلقى التلاميذ درسًا في الهواء الطلق بين الخضرة والجمال.
تختلف المجتمعات في أنواع التجهيزات التي توفرها للمدارس، وتختلف كذلك فيما يختص بنوع القوى البشرية اللازمة لمدارسها. والمعلم هو الشخص الوحيد الموجود في جميع المدارس في كل أنحاء العالم. والناظر هو الشخص الثاني الأكثر شيوعًا ـ ويُسمَّى أحيانًا المدير ـ الذي غالبًا ما يكون مسؤولاً عن وضع الجدول الدراسي للصفوف الدراسية، وعن طلب الاحتياجات والتجهيزات، وتعيين معلمين جدد، والتحدث مع أولياء الأمور، وربما معاقبة الطلبة الذين يخالفون نظام المدرسة. وفي بعض المدارس الصغيرة، قد يحل أحد المعلمين، ممن يُطلق عليهم المدرس الأول، محل مدير المدرسة، وقد يعين للمدرسة وكيل يساعد المدير ويقوم مقامه حال غيابه. وفي المدارس الكبيرة التي يتاح لها تمويل كاف، يكون من الممكن وجود موظفين أو معلمين متخصِّصين يمكنهم مساعدة التلاميذ الذين يواجهون صعوبات في تعلم القراءة، أو يواجهون صعوبة في السمع أو الإبصار. ويوفر عدد من المدارس الموجهين الذين يقدمون للطلبة النصيحة بشأن مستقبل برامجهم التعليمية وكيف يخطِّطون لمهنهم في المستقبل.
وتبرز أحيانًا وظيفة مساعد معلِّم كنوع من الوظائف الشائعة على نطاق واسع في العالم. فمساعد المعلِّم شخص يعمل تحت إشراف معلم الصف، ليساعد التلاميذ، كلاَّ على حدة، وللمساعدة في أعمال أخرى، مثل تصحيح الامتحانات، وتحضير المواد التعليمية. ويكون المساعدون في الغالب من الطلبة القدامى أو من الآباء. لكنهم ربما لا تتوافر لديهم الخبرة الضرورية للتدريس، ولذا فهم يؤدون أعمالهم في الفصل بإشراف المعلم.
وبالإضافة إلى المعلمين، فإن المدارس ربما تُعيِّن مختلف الموظفين، من كتبة وأُمناء ومعاونين ومتخصصين في استخدام الأجهزة الإلكترونية وأجهزة الحاسوب ومسجلات الفيديو.
وتضع كل دولة تقريبًا أنظمةً تتعلق بأنواع الإعداد التعليمي الذي يجب أن يتسلح به المعلم عند مزاولة مهنة التدريس في الفصل. ويختلف طول مدة التدريب الذي يؤهِّل للعمل في مهنة التعليم من دولة إلى أخرى. وفي الدول النامية التي تعاني من نقص في التمويل، فإن إعداد المعلمين ربما تكون مدته مختصَرة؛ سنة واحدة في مستوى المدرسة الثانوية. أما في الدول المتقدمة اقتصاديًا، فإن التدريب يستمر لمدة أربع أو خمس سنوات على مستوى الدراسة في الجامعة. وعادةً ما يكون التدريب المطلوب لرياض الأطفال ومدارس الحضانة أقل من التدريب المطلوب للذين سيعملون في المراحل الابتدائية. أما معلمو المدرسة الثانوية العادية، فمن المتوقع أن تكون لديهم كفاءة تعليمية أكثر مما لدى معلمي المدرسة الابتدائية. ويستلزم إعداد هيئات التدريس في الجامعات إعدادًا أكبر من إعداد كل هؤلاء.
إدارة المدارس وتمويلها
مختبر مدرسة مجهز بالكامل يحتاج إلى مصروفات مستمرة. وتقع هذه المدرسة في لندن وتحصل على منحة حكومية ومساعدات تطوعية.
تُدار المدارس وتمول بوساطة الحكومة أو مجموعة خاصة من المواطنين. وعلى الصعيد الدولي، فإن مصطلح حكومي يشير إلى المدارس النظاميّة التي تتم إدارتها وتمويلها بوساطة الحكومة. فكلمة الحكومة قد تعني القرية المحلية أو المدينة أو المنطقة أو الدولة بكاملها. وخلافًا لذلك، فإن كلمة خاص أو أهلي، تعني مدرسة تتم إدارتها بوساطة مجموعة مستقلة. وربما تكون هذه المجموعة من أولياء الأمور الذين يريدون إنشاء مدرسة معينة في مجتمعهم. ويختلف استخدام مصطلحات الحكومي والخاص في تسمية المدارس في المملكة المتحدة؛ حيث يطلق مصطلح مدرسة عامة ليشير إلى المدارس المستقلة أو الخاصة. ولكن توقف هذا الاستخدام للمصطلح تدريجيًا.
وتختلف نسبة المدارس الحكومية إلى الخاصة اختلافًا كبيرًا من بلد إلى آخر. فمثلاً، نجد أن نحو 75% من الطلبة في أستراليا يذهبون إلى مدارس الدولة، ويذهب نحو 25% إلى المدارس الخاصة التي تسيطر عليها الكنيسة. وفي جمهورية أيرلندا، تُدار كل مدرسة ابتدائية عن طريق مجلس محلي مكون من أولياء الأمور وممثلين عن الكنيسة. أما التمويل، فإنه حكوميٌ في غالبه.
وفي أيرلندا، تعد مدارس التعليم الثانوي أهلية أساسًا وتديرها مجموعات دينية. على حين أن نحو ثلثي مدارس سنغافورة ذات إدارة وتمويل حكوميين، بينما بقية المدارس أهلية وتتلقى من الحكومة إعانات مالية لدفع الرواتب وتكاليف التطوير. وفي الدول العربية يوجد النوعان، المدارس الحكومية والمدارس الأهلية الخاصة، والحكومة تدير ما لايقل عن 80% من المدارس.
تختلف نسبة المدارس الحكومية إلى الأهلية بدءًا من مدرسة الحضانة إلى الجامعة. في اليونان يوجد خليط من التمويل الحكومي والأهلي للتعليم ابتداءً من مدرسة الروضة إلى المدرسة الثانوية، على حين أن التعليم العالي في اليونان يتبع الدولة بصورة كاملة.
ومنذ سنوات عديدة مضت، كانت المدارس الخاضعة للحكومات الشيوعية تديرها الدولة. ومع التغيرات التي حدثت في الأنظمة الشيوعية في شرقي أوروبا مع بداية التسعينيات من القرن العشرين، تم السماح بافتتاح المدارس الخاصة فيها.
والواقع أن التعليم، في جميع أرجاء العالم، يُعد مجهودًا تعاونيًا بين الحكومات والمجموعات الأهلية. ومن المحتمل أن يستمر هذا النمط من التعاون بين الحكومات والمجموعات الأهلية في المستقبل.
المدرسة في المجتمعات الإسلامية
بدأت دعوة الإسلام للتعلم بأول آية أُنزلت ﴿اقرأ باسم ربك الذي خلق﴾ العلق: 1. وأصبح طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، ولهذا سعى كل المسلمين للتعلم والتعليم. ولم تقتصر العملية التعليمية على أماكن محددة (مدارس) بل كانت تتم في المساجد، أو منازل العلماء، أو حتى في الهواء الطلق.
نشأة المدارس الإسلامية. كانت المدرسة النظامية التي أنشأها نظام الملك من المدارس الإسلامية الأولى، فقد بناها لتكون مقرًا للدراسة فقط. وقد عمل نظام الملك، المولود عام 805هـ، 1402م، وزيرًا لسلطانين سلجوقيين هما ألب أرسلان (456 - 465هـ، 1063-1072م) وملك شاه (465 - 485هـ، 1072-1092م). ولم تكن المدرسة النظامية بداية المدارس الإسلامية بل كانت نقطة تحول، حيث أصبحت المدارس لها مناهج تعليم محددة تشرف عليها الدولة.
لقد تم إنشاء أولى هذه المدارس النظامية في نيسابور ثم تبعها عدد من المدارس النظامية، كان أهمها مدرسة بغداد التي أنشئت عام 459هـ، 1066م. وتلتها مدارس البصرة والموصل والري وأصفهان ومرو وهراة وطوس وبلخ وخَرْجَرْد. وقد كانت هناك مدارس إسلامية قبل هذه المدارس النظامية لكنها لم تكن ذات مناهج محددة أو معروفة. ومن هذه المدارس أربع مدارس في نيسابور أنشأها السلطان محمود الغزنوي (367 - 421هـ، 997 - 1030م)، كما أنشأ السلطان مسعود الأول، الذي أعقب السلطان محمود (421 - 431هـ، 1030-1040م) عددًا من المدارس الإسلامية. وعلى الرغم من أن الدولة كانت تشرف على تلك المدارس، فإنها لم تكن ذات مناهج محددة كالمدارس النظامية.
القرآن الكريم محور إعداد النشء على مر الأجيال.
تصميم المدرسة الإسلامية. كانت المدارس الإسلامية الأولى مكونة من إيوان واحد فسيح، وعدد من الحجرات التي كانت تُتخذ لسكن الطلبة، وكانت هذه الحجرات السكنية في الأدوار العلوية، وكانت مداخلها في أركان الإيوان. ومن أشهر هذه النماذج الأولى للمدارس الإسلامية: المدرسة التي أنشأها السلطان نورالدين الأيوبي (عام 556هـ، 1160م) في حلب ودمشق، ومنها أيضًا مدرسة الأمير قراتاي (649 - 650هـ، 1251 - 1252م) التي كانت لها مداخل حجرية محفورة فخمة، وبلاطات خزفية فسيفسائية جميلة. وأشهر هذه المدارس مدرسة أنجه منار (المنارة الرشيقة) في الأناضول. وقد اتسمت مدرسة أنجي منارة خاصة، وكل مدارس الأناضول عامة، بالترف والإسراف في الزخارف. وكان السبب في ذلك الإسراف في الزخرفة والتزيين هو جذب الناس إليها، وتوضيح الاهتمام بالعلم.
واتسمت المدارس الإسلامية التي انتشرت لاحقًا في العراق وسوريا ومصر باحتوائها على إيوانات أربعة، وكان كل إيوان منها مخصصًا لدراسة مذهب من المذاهب الأربعة (المالكي والحنفي والحنبلي والشافعي).
وتطورت المدارس الإسلامية وظهر نوع آخر من تصميماتها، يتمثل هذا النوع في المباني الكبيرة ذات الأفنية المكشوفة ولهذه المدارس إيوان كبير يبنى في اتجاه القبلة وبه محراب؛ لتكون المدارس مكانًَا للصلاة أيضًا. وقد انتشر هذا النوع من المدارس ذات الأهداف المزدوجة (التعليم والصلاة) في مصر بينما كانت المدارس في العراق وسوريا وإيران تبنى بجوار المساجد.
واشتهرت بعض المدارس الإسلامية لاحقًا بتحديد مناهج دراسية يظل طالب العلم ينهل منها إلى أن يُجيزه الشيوخ، فيصبح شيخًا يجوز أن يُعَلِّم غيره من طلبة العلوم الإسلامية. ومن أشهر المدارس الإسلامية التي خرَّجت عددًا كبيرًا من العلماء، المدرسة السليمانية (التركية العثمانية) التي أنشئت عام 937هـ، 1530م، وهناك جوامع كبيرة تحولت إلى مدارس إسلامية تخرِّج العلماء، وأشهرها الجامع الأزهر الذي تخرج فيه كبار العلماء من كل البلاد الإسلامية.
وإضافة إلى هذه المدارس فقد انتشرت في الدول الإسلامية مدارس تحفيظ القرآن للأطفال وتُسمى في بعض البلاد الإسلامية بالكتاتيب والخلاوي، ويتَحلَّق الأطفال في هذه المدارس حول شيخ يعلمهم القراءة والكتابة، ويحفِّظهم القرآن الكريم، وغالبًا ما كانوا يكتبون على ألواح خشبية وبمداد مصنوع من الزفت والسِّناج (سخام المصابيح) والصمغ. أما أقلامهم فكانت تُبرى من البوص أو من سيقان الذرة أو ما شابهها. ولا تزال بعض هذه المدارس موجودة في بعض الأقطار الإسلامية في إفريقيا وآسيا. لمزيد من المعلومات، انظر: العمارة الإسلامية.
المدارس في العصر الحديث
مستوى متقدم جدًا من الدراسة العلمية بالكلية الصناعية التابعة لمصانع البتروكيميائيات في مدينة ينبع بالمملكة العربية السعودية.
انتشرت المدارس خلال القرن العشرين في العالم العربي بصورة مطردة، وتُبنى كل عام مئات المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية، واعتبرت السياسة التعليمية المرحلتين الأوليين فترة إلزامية أساسية عامة وتنوعت المرحلة الثانوية إلى مدارس عامة ومدارس تجارية وزراعية وصناعية وعسكرية ورياضية وغيرها.
وتُعنى وزارات المعارف والتعليم في أغلب الدول العربية بتزويد المدارس بما يلزمها من أثاث وأدوات لتعليم اللغات، وتجهيزات المختبرات والمكتبات، والأنشطة الرياضية والفنية، بحيث أصبحت المدرسة مؤسسة شاملة لتعليم النشء وتربيته وتوجيهه في كافة المجالات مع استثمار مواهبه وتشجيعه بالجوائز المادية والكتب والرحلات.
وأنشئت كليات التربية في كل المناطق تقريبًا لإعداد وتخريج المُدرس المتخصص والقادر على تعليم التلاميذ في مختلف مراحل التعليم المدرسي.